عاشت مدينة تارودانت ما بين 23 و25 نونبر الماضي أياما استثنائية بمناسبة الدورة الأولى لمهرجان رسوم الصحف والكرتون، إذ حج عدد كبير من رسامي الكاريكاتير والإعلاميين والمتتبعين نحو هذه المدينة الساحرة للمشاركة في أنشطة هذا المهرجان الذي نظم من طرف ائتلاف الجمعيات أعضاء البرنامج التشاوري المجاليء تارودانت، بشراكة مع المؤسسات العمومية المحلية وجمعية مسار للفنون التشكيلية، وبدعم من السفارة الأمريكية بالمغرب.
افتتحت فعاليات المهرجان بمعرض فني برواق باب الزركان ضم أزيد من 170 لوحة كاريكاتيرية تنوعت مواضيعها ما بين السياسي والاجتماعي والثقافي فضلا عن رسوم مميزة ترصد الواقع العربي والدولي، وفي كلمة ترحيبية بالضيوف، أكد المدير الفني للمهرجان الفنان محمد السعداني على أن الغاية من الدورة الأولى لمهرجان رسوم الصحف والكرتون هي تمتين علاقة الجمهور بهذا الفن المثير والذي يبحث لنفسه عن مكانته التي يستحق، متمنيا أن يساهم هذا المهرجان في مد جسور التواصل بين رسامي الكاريكاتير من جهة، وبينهم وبين الجمهور من جهة أخرى، وكذا التعريف بقيم الاختلاف والتسامح.
وعرف اليوم الثاني من المهرجان تنظيم ندوة فكرية حول تاريخ وأدوار فن الكاريكاتير احتضنتها الكلية متعددة التخصصات، إذ قدم ذ. هشام شفيق مداخلة تناولت السيرورة التاريخية لفن الكاريكاتير معتبرا أن هذا الفن في كل مراحل تطوره لا يمكن فصله عن المناخات السياسية والاجتماعية المحيطة به، مذكرا في هذا السياق بأن الكاريكاتير والديمقراطية متلازمتان أساسيتان لنجاح هذا الفن باعتباره وسيلة من أرقى الوسائل التعبيرية الإنسانية، واستعرض أيضا بعض المحطات المشرقة في تجارب رسوم الصحف والكرتون بالمغرب، مقدما نماذج من إصدارات صحفية ساخرة عرفت نجاحا منقطع النظير في الساحة الإعلامية المغربية.
من جهته أكد الإعلامي والباحث في هذا الجنس الإبداعي محمد أحمد عدة، أن فنان الكاريكاتير عبر مراحل تطوره كان يتأرجح بين الطرح الجمالي ومسألة التعبير عن فكرة أو مبدأ معين، من خلال معبر السخرية، مقدما نموذجا من القطائع التي حققها فن الكاريكاتير، الذي استبدل الراحة النفسية بالقلق وإثارة الجدل وغير مفهوم التناسق إلى المبالغة والتنافر واستخدم حاملا جماهيريا بدل الحوامل الجمالية المتعارف عليها والتي تعد حوامل نخبوية.
الندوة عرفت تفاعلا كبيرا بين المحاضرين والجمهور من خلال النقاش الذي تلاها، إذ أعاد الحضور طرح العديد من الأسئلة والإشكالات المتعلقة بفن الكاريكاتير.
وبالتوازي مع الفقرات الكبرى شهدت فضاأت المركب التربوي بتارودانت مجموعة من الورشات التي أطرها فنانون ومدربون دوليون عرفت بهذا الفن وقدمت عددا من التقنيات والمبادئ الأولى له.
اليوم الأخير من المهرجان كان حافلا ومتميزا حيث قدمت لجنة التحكيم المشكلة من الفنان عبد الغني الدهدوه والفنان توفيق الوطني والفنان ناجي بناجي والفنان الجزائري سعد بن خليف والناقد محمد أحمد عدة، جائزة الإبداع الشبابي لأحسن ثلاثة رسوم كاريكاتورية حول تيمة حرب الطرقات وحوادث السير، إذ فاز الفنان الشاب طارق أرحال بالجائزة الأولى، فيما كانت الجائزة الثانية والثالثة من نصيب الفنانين الشابين حاتم أهراو وعبد العزيز فكري، كما عرف اليوم الأخير أيضا أهم تقاليد مهرجان الكاريكاتور والمعروف برسم الوجوه بطريقة ساخرة ومفتوحة أمام الجمهور، هذا الشكل الذي يعد مسك ختام المهرجان بما يخلقه من تواصل وإمتاع وأجواء مرحة، وفي نهاية المهرجان تقدم جميع الفنانين أمام الحضور الذي ملأ جنبات القاعة الكبرى بفضاء المركب التربوي والاجتماعي بتارودانت وقدموا كلمات عبروا فيها عن نجاح هذه المحطة الأولى من مهرجان تارودانت لرسوم الصحف والكارتون، مشيدين بحسن التنظيم والحس التطوعي العالي الذي أبان عليه النشطاء الجمعويون من أجل إنجاح هذا النشاط الذي يعد قيمة مضافة ومكسبا مهما لفن الكاريكاتير المغربي، ضاربين لجمهور مدينة تارودانت النوعي والمتفاعل موعدا في السنة المقبلة.
مدينة تارودانت تعيش على ايقاع مهرجان للرسم الكاريكاتوري
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire