samedi 15 décembre 2012

صورة الملك

بعض الأحداث قد تظهر كأنها هامشية وغير ذات أهمية، لكن مدلولاتها أعمق مما نتصوره، بل قد تدلل على تحولات جذرية على مستوى الذهنيات كما على صعيد الممارسة. فواقعة إصرار بعض مؤتمري حزب الاتحاد الاشتراكي على إزالة صورة الملك من منصة الخطابة التي يتناوب عليها المتدخلون في المؤتمر الوطني لحزب المهدي بن بركة المنعقد هذه الأيام، كان يمكن لها أن تمر دون أدنى اهتمام إعلامي أو سياسي لولا المستجدات السياسية لما بعد الربيع الثوري. فواقعة مثل هذه لم يستطع رجل متمرس في السياسة كعبد الواحد الراضي، أن يمررها في آخر لحظات حياته السياسية أو على الأقل آخر لحظات قيادته للحزب، لأنه يعي جيدا، بحدس السياسي المحنك، أن لتلك الحادثة ما بعدها، وأن سماحه بالأمر قد يؤثر على تقاعده السياسي، وإذا أحسنا الظن، ستؤثر على العلاقة بين حزب الاتحاد الاشتراكي والقصر.

لذلك سارع الراضي إلى رفض الأمر ورفع جلسات المؤتمر، ولم يسمح بعودة الأشغال إلا بعد إرجاع الصورة إلى مكانها، وهو ما حصل بالفعل، لكن تحقق لرافضي صورة الملك مسعاهم، بأن جلبوا منبرا آخر للخطابة ووضعوه على يمين المنصة حتى لا تظر صورة الملك خلفهم. وبالتالي أصبح المؤتمر بمنبرين؛ منبر لمن أراد أن يخطب أمام صورة الملك، ومنبر لمن أراد أن يخطب أمام صور شهداء الحزب (حسب ما تداولته وسائل الاعلام ).

نعم لقد حدثت تحولات كبيرة على عدة مستويات، ومنها المستوى السيميائي والرمزي، فخلال محطات الربيع الثوري لاحظنا بشكل جلي إصرار شعوب المنطقة على المسارعة إلى إحراق صور الزعيم وإتلاف تماثيله، في شكل يرمز إلى ما يشبه الانتقام من تلك الصور التي كان المواطن يشعر بثقلها على نفسه نتيجة إجباره على وضعها حيث ماحل وارتحل. وبعد الربيع لاحظنا إصرارا موازيا من مختلف الرؤساء (الزعماء بتعبير ما قبل الثورة) على إصدار الأوامر الصارمة لمنع وضع أي صورة لهم في الفضاءات العمومية. وفي هذا السياق منع الرئيس المصري محمد مرسي ديوان رئاسته من وضع صوره داخل مكتبه أو مكاتب القصر الذي يعمل داخله، وهو قرار سيستتبع ، بالضرورة، منع وضع صور الرئيس في جميع الإدارات العمومية، وخلق ثقافة لدى المواطن المصري كي لا ” يفرعن” الرئيس ويضع صوره داخل بيته أو على سيارته.

عبد الرحيم العلام


صورة الملك

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire