vendredi 28 décembre 2012

التهيئة المجالية لباب الجمعة الاثري اية علامات وانتظارات لفائدة المجال الاخضر الحضري؟

عبد السلام انويكًة/تازة
Abdesslam nouiga

يبدو وكأن الثقافة/تلك الأنشطة بتفاعلاتها المألوفة، لم تعد بأية معنى في زمن الرقميات والألفية الثالثة ومعها العولمة، الفهم الذي يمكن تسجيله مجتمعيا، كما الواقع الذي عبد السلام انويكًةنحن جزء منه. ومؤشرات هذا الحال من التنافر على هذا المستوى عدة ومتداخلة، وأحيانا ما يكون باديا للعيان في علاماته وبدون أي لبس. اللهم عندما يلتقي الفعل والفاعل الثقافي من خلال انشغالات حقيقية مفتوحة على المجال في سياقه الشمولي، كحزام بنفود موجه للتفاعلات، كإطار للمعيش اليومي وكاحتياجات يحكمها النفع الوظيفي المباشر. والمجال بهذه السلطة تجاه الإنسان هو بمكونات حيوية، تركيبتها هي تلك العناوين الحقيقية في التوازنات، وفي مستوى التجاوب مع الإستدامة. عندما يتعلق الأمر بتنمية المحلي من الإمكانات. بمساحة متغيرات تقوم على مسألة الإعتبار أو إعادته من جهة، أو على مورفولوجيا التكامل من جهة ثانية. وتشكل مشاريع الشأن البيئي في هذا السياق تلك المتعلقة بمجال المدن/الأوساط الحضرية، واجهة بتساؤلات عدة ليس فقط تجاه القرب، ودرجة الإستهلاك الرمزي للإيكولوجيا وللإنبات التجاوري، بل كذلك علاقة كل هذا وذاك بزحف التعمير وبمسؤولية الجميع في تأمين الكائن. وعيا بما يوجد عليه هذا الأخير البيئي من إكراه معبر، بات معه الأمر في حاجة لتدبير حكماتي ولإجراءات عملية تشاركية. ليس فقط من اجل انقاد ما يمكن انقاده، أواعادة ترتيب الأمور في اطار رد الإعتبار، انما اساسا للتجاوب مع حاجيات مجتمعية اضحت بنوع من الإلحاح الحضري الحقوقي في الظرفية الحالية.

والمجال البيئي بالمدن اوما يعرف بالمساحات الخضراء أوالحدئق العمومية، سواء كمشاهد ضمن واقع جاسم أمام أعين الجميع، أو كسبل تدبير واستغلال بقراءة المتتبع المعني المباشر، أو كتوازنات بيئية بفهم الباحثين والمهتمين وفي علاقتها بالسكن والصحة والترفيه وغيرها من الخدمات الظاهر منها والخفي. هذا إشكال مطروح وفي جل المدن المغربية، بواجهة أثارت ولا تزال الكثير من النقاش عند جميع فئات المجتمع كل من تماسه الخاص. الأمر الذي يحتاج الى استراتيجية مقاربة، تحضرها الشمولية والنجاعة القانونية ومسؤولية الجميع. والمدينة تازة واحدة من المدن المغربية- ولو أن الأمر أخف مما حصل في جهات من البلاد- والتي تأثرت حدائقها وإرثها من المجال الأخضر المفتوح على الجبل. بسبب عوامل الإهمال وصعوبات الإنبات ومع كل هذا وذاك تعدد تجارب التهيئات وتباين الإختيارات. كذلك غياب آليات الحماية ومعها أنشطة التحسيس، هذا بالإضافة الى ما بات من الأمر المقلق، كسلوكيات لا مسؤولة عن المواطن العادي تجاه كل ما هو أخضر عمومي، والذي هو ملك للجميع في نهاية المطاف. والمدينة بحكم الأنتماء الجبلي حيث الإرتفاع وتعدد الأجراف المجاورة ومعها الإنحدارات، هي مساحة بشروط محفزة وداعمة لكي تكون بمجال أخضر، أكثر توازنا وتنوعا وامتدادا بخلاف الكائن، كاختلالات تعمقت منذ حوالي الثلاثة عقود. وكانت نتاج عوامل التقى فيها البشري بالتدبيري بالطبيعي. والى حد ما في اطار الإستجابة لنداءات مكونات المجتمع المدني، وتوصيات هذا الأخير في عدد من اللقاءات.

ومن أجل اعادة الإعتبار للإيكولوجيا الترفيهية، كذلك دعم الرهان الإنمائي والحلم السياحي للمدينة. تم الإنفتاح على أوراش بيئية كانت بقيمة مضافة هامة، وبنفس جديد لفائدة الوسط الحضري، بناء على المتداول من الحديث عند العامة وبين الناس. وفي هذا الإطار من المواقع التي أبانت تهيئتها الأخيرة على نوع من الإقبال والإرتياح، هناك الفضاء الشهير بجنان السبيل بالمدينة القديمة تازة العليا. والذي اصبح منذ حوالي السنة، بملمح جاذب ومتجاوب مع المحيط من المكونات، بنوع من الإنصاف لساكنة المدينة العتيقة، وبشكل هو في جميع الأحوال أكثر اثارة للترويح عن النفس، من حيث النظافة والتجهيز، وافيد مما كان عليه الأمر سابقا. الفضاء الثاني والذي يعرف في الذاكرة المحلية ب”جردة البلدية”بتازة السفلى، شهد بدوره عملية تهيئة شبه شمولية غيرت جوانب من معالموعلامات مكان، هو بماض وتمثلات عند البعض من الأجيال والساكنة. وعليه فقد كان هذا الورش منذ بداية الأشغال والى غاية انتهاءها، بوجهات متباينة في الرأي، التقى فيها السياسي الإنتخابوي بالذاتي بالموضوعي بالوهمي الإفتراضي وبأشياء أخرى جمعت بين البكاء والحكامة والحساب والإشاعة والأحكام المسبقة وغيرها من أدب المقاهي. هذا قبل ان يتم تنظيم معرض جهوي للكتاب بالمدينة، في نسخته الأولى والذي لم يجد من الأمكنة الأنسب من أجل الموعد، سوى هذه الحديقة الحديثة التهيئة، والمفتوحة على جميع الوجهات والنوايا، وعلى كل العاشقين والوافدين عملا بالمثل الشعبي”حجة وزيارة”. وليس المهم هنا هوالحديث عن موعد الفرجة مع الكتاب أوعليه، بل ما كان لهذا الأخير على تواضعه، من أثر في صنع ذلك الصدى المتميز حول المكان/الحديقة في حلتها الجديدة، والتي باتت لسان حال الجميع كمكتسب.

وفي اطار دائما الورش البيئي الحضري بالمدينة تازة، تحديدا على مستوى جزئها العتيق الشهير بتازة العليا، هناك عملية إعداد وتهيئة ترابية لإحدى الأجراف المجاورة لباب الجمعة الأثري، في أفق تحقيق مساحة جديدة للترفيه داعمة للتنمية المحلية، قد تحمل اسم حديقة باب الجمعة بحكم التقابل والتوازي التاريخي كعمران ووقائع. وهذا الورش الذي يوجد في طور الإنجاز منذ حوالي الثمانية أشهر، هو بقيمة ايكولوجية هامة، ونتاج عمل تشاركي يجمع بين عدة أطراف معنية عمومية. وكما في تتبع الرأي العام ومعه استراتيجيا الجهات الوصية، المجالات الخضراء توجد في قلب سياسة المدينة عموما. وضمن الإنشغالات الحقيقية للساكنة المحلية. خاصة وان تازة عرفت منذ العقد الثاني من القرن العشرين، بعد فرض الحماية على البلاد بسنوات قليلة، تغطية بعدة وثائق للتعمير والتي اعطت للمجالات الخضراء نوعا من العناية، لاتزال علاماتها شاهدة في عدد من المواقع. للإشارة فالأجزاء من المدينة تازة والتي خضعت للدراسة التعميرية زمن الحماية، هي تلك التي كانت تقطنها الجالية الأروبية، باقي الأطراف/دواوير كما الحال بالنسبة لما يعرف محليا ب”بيت غلام”"دوار الجديد” اين كان يقطن الأهالي لم يتم أخدها بالإعتبار. ومن مشاريع تصاميم التعمير التي عرفتها تازة على عهد الحماية الفرنسية، هناك مشروع labasseسنة1919، تصميمlandaisسنة1920، تصميم réche سنة1928، وأخيرا مشروع تصميم écochard سنة 1955الشهير عند المعماريين محليا والمهتمين بالمجال. وجميع الجهود التعميرية والتجديد الذي عرفه التحديد المجالي الحضري لتازة بعد الإستقلال انبنى على مشاريع التصاميم السابقة الذكر. وبالعودة لحديقة باب الجمعة في طور الإنجاز، فهي توجد ضمن جزءعتيق من المدينة، والذي كان باجراءات/اختيارات ممنهجة من قبل ادارة الحماية في اطار استراتيجية”ليوطى”التعميرية تجاه المدن المغربية الأصيلة والعاكسة للهوية الثقافية. وضمن تهيئة تروم اعطاء المكان ما يستحق من عناية ومعه الأسوار الأثرية المحيطة، في اطار نوع من الإنسجام المجالي والجمالي، خاصة وأن الإرث المادي المجاور من اسوار ومغارات وبنايات تاريخية، هي جزء من الذاكرة المحلية ومن تاريخ المدينة وثراتها المعماري والحضاري. وورش حديقة باب الجمعة والتي من المتوقع أن تكون أول حديقة معلقة في المغرب، وفق خصوصية محلية للمدينة والتي تجمع بين جزئين الأعلى والأسفل، ضمن تركيب مورفولوجي ومشهد مجالي لا شبيه له وطنيا. هذا المشروع الورش يتوزع على ثلاث عناوين أساسية أولها ترميم الأسوارالتاريخية وهو ما يتم حاليا على قدم وساق رغم ما يحتاجه الأمر من ملاحظات حول درجة احترام ما يحتويه التاريخ من علامات بعيدا عن الإجتهاد غير الدقيق. العنوان الثاني هو التهيئة المجالية للأطراف المجاورة كمقاطع ترابية، ثالثا وأخيرا كل ما يتعلق بالأثاث المخصص كتجهيز بالمجال الأخضر بالإنارة والنافورات التي ستحتويها هذه الحديقة، معكل الآليات الأخرى من سبل سقي الأغراس والحفاظ عليها. وعليه يمكن الحديث عن تدخلات في المشروع وفق مستويين الأول عمودي والآخر أفقي. حول الكلفة المالية لحديقة تازة المعلقة فهي بحوالي ثمانية مليون سنتم، سبعة ملايين منها لفائدة الأشغال والباقي توجه للدراسات التقنية التعميرية والجيوتقنية.

والمجال الذي تم اختياره ليكون حديقة معلقة بتازة ومجالا اخضر حضريا، كان دائما نقطة عبور وصلة وصل بين المدينة العتيقة وتازة الجديدة، وهو ما تم اعتباره والتعبير عنه تعميريا في جميع التصاميم التي عرفتها المدينة، سواء زمن الحماية أوبعد الإستقلال. وسواء في التصميم المديري الذي تم وضعه خلال الثمانينات، أو الذي وضعته الوكالة الحضرية والمصالح الشريكة خلال السنوات الأخيرة. وعبر كل التصاميم كانت هذه المنطقة/أجراف باب الجمعة بتازة، محرمة للبناء، بل اعتبرت دائما مجالا وقائيا فاصلا بين مشهدين حضريين الأول عتيق هوياتي والثاني حديث اروبي. وبالنسبة للإدارة الإستعمارية طيلة فترة الحماية، كان هذا المجال بمثابة حلقة بخلفية أمنية للمراقبة وتتبع احوال وحياه الأهالي. بالنظر للطبغرافيا المحلية وطبيعة الأجراف المجاورة المساعدة على الرقابة.

ومن المهم الإشارة الى أن هذا المشروع، من اجل حديقة معلقة بتازة، من خلال معطيات الجهات المشرفة. قد تأسس على نقاشات وعلى وجهات نظر وتدخلات الجميع، من مصالح ومؤسسات معنية ومهندسين وخبراء وغيرهم. وما تبلور في نهاية المطاف حول الموضوع حاول من خلاله هؤلاء، تحقيق تهيئة تسير الى حد ما وفق تصور يستهدف الحفاظ على المكتسب البيئي المحلي، وعيا بكون المنطقة مجال الورش، هي بحمولة تاريخية وثقافية وجزء لايتجزء من الوعاء الأثري الأصيل للمدينة العتيقة تازة العليا.

والأشغال التي هي بنسبة تقدم معبرة في شموليتها، بما في ذلك ترميم الأسوار العملية التي احتاجت الى جملة اجراءات تطلبت بعض الوقت في البداية. كما الحال بالنسبة لتخميرمجموعة مواد معتمدة/تربة/جير. الأنشطة الأساسية للعمل وفق المعايير المطلوبة في مثل هذه الأوراش ذات الطابع الأثري المحض. مع اهمية الإشارة الى أن هذه الأسوار بعد نهاية الأشغال الخاصة بالترميم، ستتوفر على انارة خاصة وفق تقنيات معمول بها في المدن المغربية الأثرية، وبناء على رؤية مكتب دراسات وأطر خبيرة أثبتت كفاءاتها، في اوراش اخرى مشابهة بجهات اخري من المغرب. وبحسب المشرفين على هذا الورش البيئي ستكون حديقة باب الجمعة بمثابة أشكال ابداعية على الأرض وهو ما تنتظره الساكنة، ومعها كل الأطراف الشريكة في التنمية المحلية. كما ينتظر من هذا الإنجاز أن يكون عملا اجرائيا، من شأنه الإجابة على الأصوات التي تعالت خلال العقود الأخيرة، حول واقع حال واحوال المجالات الخضراء الحضرية. وخاصة نداءات وملتمسات مكونات المجتمع المدني، كما الحال بالنسبة لشبكة تازة التنموية. وذلك من اجل ملإ الكثير من البياض البيئي في المدينة، والتي توجد على ايقاع هجمة اسمنت واسعة الإمتداد. ومن اجل كذلك نوع من التكامل، بين حاجيات الساكنة في الترفيه، وبين رهان التنمية المفتوحة على احلام السياحة الثقافية وغيرها.

وفي علاقة هذا الورش بالإرث المادي والأركيولوجي للمكان، هناك حديث حول أخد كل النقاط بعين الإعتبار. وانه هناك اجراءات تم اعتمادها لتفادي اية تجاوزات في عملية الحفر، من شأنها المساس بما هو ذاكرة. وان الأشغال التي تتضمنها عملية التهيئة بهذا المجال، سطحية بالأساس وغير نافدة تحت الأرض، بل غير مؤثرة على المكونات الأثرية. وأن كل ما هو عبارة عن آثار بهذا المجال باتفاق مع الجهات المعنية والمسؤولة، تم الحفاظ عليها باعتبارها ارثا وطنيا وملكا للجميع، مدينة ومجتمع. تبقى الإشارة فقط الى ان حديقة تازة المعلقة، والتي توجد في طور الإنجاز كورش جماعي. من الوجهة الطبغرافية تنتمي لجزء مرتفع، هو بمثابة فارق بين القسم العتيق والحديث من المدينة. وان المرور بين الطرفين يتم عبر دروج شهيرة، هي من عناصر تميز تازة وطنيا. وجزء من هذه الدروج تاريخي قديم، عرف بعض التدهور مع مرور الزمن. تحديدا الدروج التي توجد في الجزء العلوي المجاور لمدخل باب الجمعة المفتوح على المدينة القديمة مباشرة. في المقابل هناك دروج حديثة العهد تم احداثها خلال فترة الستينات من القرن الماضي، لتسهيل عملية التنقل عبرمسلك وعر ومرتفع يحادي أسوار أثرية. والحديقة المعلقة لباب الجمعة بتازة ستكون هي كذلك بسلسلة دروج جديدة مكملة، لها نفس المهام مع اسوار مجاورة فارقة شبيهة بالأسوار التاريخية، ضمن منظومة تقنية تعميرية متكاملة من حيث الإنسجام في المشهد. وعلى جنبات هذه الدروج ستكون هناك بحسب التقنيين المشرفين، مساحات خضراء وأخرى للإستراحة، على ايقاع انارة متجاوبة من حيث الجمالية والجادبية. هذا بالإضافة الى كراسي متدرجة ونافورات. الأثات الترفيهي البيئي الذي من المتوقع أن يكون بإثارة خاصة وأثرعلى كل المدينة والمنطقة، ولفائدة الساكنة وجميع العابرين لهذا المجال.


التهيئة المجالية لباب الجمعة الاثري اية علامات وانتظارات لفائدة المجال الاخضر الحضري؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire