samedi 29 décembre 2012

المنتزه الوطني لتازكة: تنوع طبيعي وإيكولوجي في حاجة الى تدبير معقلن

عبد الإله بسكمار

تلعب المنتزهات الوطنية العديد من الأدوار والوظائف الحيوية كالحفاظ على الموارد الطبيعية واحتضان آخر الخزانات الجينية الصالحة لتطور الحياة الطبيعية في الأرض والأحواض الكبرى والأنظمة الهيدرولوجية والرسوبية، وتساهم غاباتها في الحفاظ على التوازنات الهوائية عبد الإله بسكماروالمناخية والكائنات المهددة بالانقراض، نباتية كانت أم حيوانية فضلا عن الأدوار السياحية والتنموية، ويعد المنتزه الوطني لتازكة بإقليم تازة واحدا من أهم ستة منتزهات مفتوحة على المستوى الوطني، وهو يزخر بالعديد من الموارد المائية والأنواع الحيوانية والنباتية  والمواقع الطبيعية، مما يطرح تحديات عديدة على مستوى حمايته وتطويره.

من محمية الى منتزه

خلال الفترة الاستعمارية، ومنذ حقبة الثلاثينيات  بالضبط من القرن الماضي أثارت المنطقة الجنوبية لإقليم تازة اهتمام الخبراء والباحثين والمهتمين ، بسبب الميزات التي تختص بها  وأهميتها على صعيد السياحة الجبلية والاستغوارية والإيكولوجية ، وفي طليعتها عشرات الأنواع من الأشجار والنباتات والحيوانات ، فضلا عن مواقع طبيعية خلابة ، الشيء الذي دفع سلطات الحماية الفرنسية – في محاولة منها للحفاظ على شجرة الأرز بصفة خاصة –  إلى التفكير في خلق محمية لهذه الشجرة ، ظلت الفكرة قائمة، و لم تتسن لها مقتضيات الأجرأة الفعلية على أرض الواقع إلا  سنة  1950 إذ صدر مرسوم وزاري بإنشاء محمية لشجرة الأرز في 11 يوليوز من نفس السنة  ، وبالنظر لغنى المنطقة  النباتي والحيواني والغابوي تحولت المحمية بعد الاستقلال إلى منتزه يحمل نفس اسم الجبل الذي تنسب إليه، أي جبل تازكة (1980م) وهو الذي يشكل  مركز المنتزه الواقع على بعد 46 كيلومترا جنوب غرب مدينة تازة، ويقع مدخل المنتزه بدوره على بعد 20 كيلومترا من نفس المدينة اعتبارا من منتجع راس الماء، ولم تكن مساحته في البداية لتتجاوز 580 هكتارا تشمل فقط  مجال  شجرة الأرز المحيط بالجبل المذكور، ولتصبح المساحة الإجمالية عند تحوله إلى منتزه طبيعي 12.000 هكتارا لتصل حاليا إلى 13.737 هكتارا، تضم علاوة على محمية شجرة الأرز عشرات المواقع ذات الأهمية الايكولوجية والطبيعية والسياحية كالمغارات والشلالات والغابات المتنوعة الأشجار والغطاء النباتي، أبرز هذه المواقع: مصطاف بابودير ذو الهواء النقي المنعش ومخيم أدمام الجبلي ومغارتا فريواطو(الأعمق على صعيد القارة الإفريقية) وشيكر وشلالات راس الماء وعين خباب وضاية شيكر وغابات البلوط الفليني والأرز حول جبل تازكة وتلك الموجودة بجماعة بوشفاعة أو باب ازهار ومحمية للغزال البري  وأخرى للأيل المغربي فضلا عن دوار سيدي مجبر المصنف في عداد التراث الثقافي الوطني ويمتد المنتزه إجمالا على شكل قوس إلى الجنوب من ممر تازة اعتبارا من راس الماء مرورا بالجماعات القروية لبابودير وبوشفاعة ومغراوة وانتهاء بقرية سيدي عبد الله بمحاذاة الطريق الوطني رقم 6 والطريق السيار الذي دخل الخدمة مؤخرا والرابط بين فاس ووجدة عبر تازة، وفي هذا الموقع يتقاطع الطريق العابر للمنتزه (الطريق الثلاثي رقم 311 سابقا / الإقليمي حاليا) مع الطريق الوطني وغير بعيد عن الطريق السيار قبل الوصول إلى مركز وادي أمليل من الغرب، في اتجاه شرق البلاد. تتراوح التساقطات المطرية بالمنتزه الوطني لتازكة بين 430 ملم (شرق الجماعة القروية لمغراوة) و1270 ملم (موقع بابودير) وتكسو المنطقة ندف الثلوج على مدى 30 يوما في المتوسط بين شهري أكتوبر وأبريل ويشمل الغطاء النباتي أزيد من 300 نوع يشكل نسبة 12% من مجموع أنواع النباتات على الصعيد الوطني، وأنواع الثديات  27 نوعا، كما يضم المنتزه 80 من أنواع الطيور و27 نوعا من البرمائيات.

مسالك ومشاهد

يتيح الطريق الوحيد العابر للمنتزه الفرصة أمام الزوار قصد التملي بمناظره الخلابة وغطائه النباتي وثروته الحيوانية، غير أن اكتشافه على الوجه الأكمل يتم عبر الأقدام بالأساس ويستغرق وقتا لا بأس به قد يزيد عن اليوم الكامل، وذلك عبر عدد من المسالك التي تخترق المنتزه، أطلقت عليها أسماء معلومة كمسلك ” الفلين” الذي يتيح للزائر معاينة

أشجار الفلين الموجود بالمنتزه وفصيلة من الوعول التي جلبت إلى المنطقة وهي تتوالد بنجاح، مسلك ” بوسلامة” عبر غابة البلوط الأخضر ويخترق مجالا تعيش فيه فصائل من الطيور (بعضها أصبح نادرا كحجل اوربا) مسلك  ” العقاب” (نسبة للطائر الذي يتردد عليه)، مسلك ” السنديان” وهو يؤدي إلى محمية للخنزير البري وأنواع من الثعابين، ويمر بمحاذاة شلال طبيعي موسمي يفصل بينه وبين مصطاف بابودير، مسلك  “الصخرات”  يمتاز بتجاويفه الصخرية التي تشكل مأوى لطائر الوطواط ويتيح مشهدا بانوراميا لدوار سيدي مجبر، مسلك ” بوهدلي ” نسبة إلى جبل يبلغ ارتفاعه 1800م ويتيح هذا المسلك معاينة العديد من الأنواع النباتية والحيوانية وأخيرا مسلك “الأرزية ” وهو الأشهر والأجمل من بين تلك المسالك لروعة مناظره الطبيعية ولوقوعه بمحاذاة جبل تازكة وغابات الأرز التي يصل عمر أشجارها إلى أزيد من 500 سنة ويتراوح علوها مابين 35 و40 م ،  كماأعدت  مصلحة المياه والغابات بتازة ومنذ عشر سنوات متحفا بيئيا على مساحة 750 م مربع على بعد ستة كيلومترات من بابودير وهو يضم أنواعا محنطة من حيوانات المنتزه ويستطيع الزائر من خلاله استكمال بعض المعلومات والإرشادات حول المنتزه وما يتميز به من غنى حيواني وايكولوجي ونباتي، كما تتيح شبكة المغارات الموجودة به للسياح وخاصة منهم الاستغواريين مجالا مهما لنشاطهم وأبحاثهم.

مشاريع لتنمية المنتزه

على مستوى تدبير الموارد الطبيعية للمنتزه وتحقيق تنمية مندمجة بشراكة مع الساكنة المحلية، أنجزت مصلحة المياه والغابات في تازة  بتعاون  مع جمعية تنموية محلية ساقية مائية على طول 1900 متر لترشيد قدر من الموارد المائية للمنتزه كما تم تنظيم ورشات ولقاأت تحسيسية مع السكان حول التدبير الواقعي والمعقلن للثروات الطبيعية ومحاربة الرعي الجائر والتصدي لظاهرة الحرائق التي تأتي على مساحات من أشجار الغابات، خاصة خلال فترة الصيف، وبموازاة مع هذا تستمر برامج التشجير في إطار محاربة ظواهر التعرية والتصحر، في الوقت الحالي فتحت ثلاثة أوراش تهدف إلى الحفاظ على المنتزه وحمايته تخص التدبير المنسق للمسارات الغابوية ومشروع الملاءمة الجماعاتية لدوار سيدي مجبر وثالث يتعلق بالتربية على البيئة بشراكة وتعاون مع خبراء ألمان في المجال التقني وتهدف المشاريع المذكورة إلى عقلنة وتنظيم الرعي على طول المسارات الغابوية وعملية زرع فتائل جديدة للأشجار ثم السقي بواسطة التنقيط وغيرها من المشاريع المندمجة، التي لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بإشراك فعلي للجمعيات المحلية ومعها ساكنة المنطقة حسب مسؤول من قطاع المياه والغابات بتازة.


المنتزه الوطني لتازكة: تنوع طبيعي وإيكولوجي في حاجة الى تدبير معقلن

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire