samedi 9 mars 2013

من المناصفة إلى الانصاف، كل عام وأنتن بخير

يحل يوم 8 مارس ليرفع الستار عن ركح تجتهد النساء ليكون لهن فيه مساحة أرحب، وذلك حتى يضطلعن بأدوار أكبر في مسرحية عنوانها “الحياة”. يوم الاحتفال بالأم وبالمرأة، أعياد بصيغة المؤنث، دعوات للتمرد الحضاري على تهميش عانت منه النساء عقودا من الزمن، تهميش وإقصاء لايعرف من يقف خلفه، قد تعتقد مجموعة من بنات حواء أن الرجل وحده المسؤول عن هذا الوضع، فلتعلم كل امرأة تعتقد أن انعتاقها من ويلات التهميش يعني صراعها ضد الرجل، أنها ستخوض حربا كتلك التي خاضها دون كيشوت ضد الطواحين ، لأن أهمية الرجل للمرأة كأهمية المرأة للرجل، وهما معا مثل الثمرة التي شقت نصفان لاطعم لأحدهما إلا بحضور الآخر.


تروج اليوم خطابات تدعي مناصرتها للمرأة، لكنها تحمل من الظلم بقدر ما تحمل من الإنصاف، وحق المناصفة التي تمت دسترته نريده اكبر من ذلك، ولغة التأنيث التي تدعو إلى تمثيلية النساء على أساس الجنس فقط، لغة لاتشرف المرأة نفسها، بل تثير الكثير من الشفقة وكأن هذا الكائن الذي نود إشراكه في وضعية صعبة ويعاني إعاقة ما، مع العلم أن المرأة متميزة، قوية، ذكية، متفوقة والكلمة الفصل يجب أن تكون فقط لكفاءتها لإثبات ذاتها، غير أن الذي يجب استحضاره دوما هو أن المرأة بطبيعتها الأنثوية مؤهلة للقيام بمهام أفضل من الرجل كما هو مؤهل بطبيعته للقيام بمهام أفضل من المرأة.


إن سلوكاتنا السيئة، وبنية تفكيرنا المتخلفة هي التي أفرزت وضعا نشازا للمرأة صارت معه ضحية بأشكال شتى، فهي تارة معنفة وتارة أخرى محتقرة أومهمشة مما وسع الهوة بين ما تطمح إليه هذه المرأة وبين واقع رديء تعيشه، إقرار حقوق النساء ليس قضية المرأة وحدها، بل هي قضيتنا جميعا، لأن النساء أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا وبإكرامهن تقر أعيننا جميعا ولن نرضى أبدا أن تهان المرأة، لكننا غير متفقين مع دعوات تكريم المرأة بتحريرها من كل القيود الأخلاقية والمجتمعية، وإنكار الضوابط التي تصون كرامتها، وهذا لعمري هو مربط الفرس ومنشأ الخلاف في هذه القضية.


الحداثيون الراكبون صهوة 8 مارس يتبنون مقاربة حقوقية تصوغ نموذجا للمرأة متحللا ومارقا وغريبا غير منسجم مع مرجعيات هذا المجتمع وثـقافته، حيث يستلهم النموذج الغربي في كل أبعاده وترتفع الأصوات المطالبة باستنباته رغم أن هذا النموذج المحتدى به من قبل دعاة التحرر، يعاني ما يعاني، فالمرأة الغربية هي الأخرى تعاني المهانة والاستعباد والاستهلاك في الاشهارات وأسواق الدعارة، ويعتبر هؤلاء خروج المرأة السبيل الوحيد للنجاح وفرض الذات، ولاينفكون عن تبخيس عمل المرأة بالبيت بدعوى الاهانة والتمكين للرجل، فصارت القضية أشبه بحلبة صراع بين الرجل والمرأة ومن تكون له الغلبة.


فهل هؤلاء يدافعون عن المرأة لكونها امرأة /انسان أم أن القضية تخفي ما هو أكبر من ذلك؟ إن كان جوابهم بنعم، أسوق إليهم الأسئلة التالية:


عندما خرجت هذه المرأة للعمل، إلى من وكل أمر تنشئة الأسرة داخل البيت؟ للجدات اللائي تحولن إلى خادمات؟ أم للخادمات اللائي تحولن إلى جاريات؟ وهل المرأة سعيدة خاصة تلك التي تعمل في المعامل والمحلات وتستغل بأجور زهيدة؟ ولم تحرم البنات المحجبات من الظهور في إعلامنا ومن الحصول على بعض الوظائف؟ ولم توصف ذات الشأن العظيم في تربية الأولاد بأنها بدون عمل؟


لقد أصيبت الاسر اليوم بالتفكك وارتفعت نسب الطلاق وصار العزوف عن الزواج السمة التي تطبع المجتمع في صورة أكثر قتامة مما كانت عليه من قبل، والمرأة مازال تطرح أسئلة حول الذات وأسرار الوجود، نريد نساء طبيبات وعالمات ومهندسات ومربيات لكن عفيفات وطيبات ومتخلقات لأن في صلاح المرأة والرجل أيضا صلاح للمجتمع ككل.

التمكين للمرأة لايكون فقط بالعمل خارج البيت ورفع التمثيلية في المجالس المنتخبة والبرلمانية، وخلق أنشطة مذرة للدخل، فكل ذلك مهم ولا نختلف معه، لكن يجب العمل على إشاعة ثقافة التفوق في صفوف النساء وعدم العزف على وتر الجنس لأننا نخاف أن يهضم الرجل في حقوقه، فنضطر إلى الاحتفال به في يوم عالمي خاص بالرجل، ولم لا في فاتح أبريل من كل سنة.


مصطفى باحدة



من المناصفة إلى الانصاف، كل عام وأنتن بخير

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire