dimanche 3 mars 2013

تاهلة... أبعد من المدينة وأقرب إلى المزبلة

تحولت تاهلة مؤخراً إلى ما يشبه سوقا هامشياً مفتوحاً على طول الطرقات وحتى قرب المنازل. فجولة واحدة بين أهم شوارعها تُظهر مدى العبث والفوضى الذي يعيشه الملك العمومي بعدد كبير من عربات الباعة المتجولين والمفترشين للطرقات بشكل عشوائي واستفزازي في بعض الأحايين، بين بائع للفواكه والخضر والأسماك، دون احترام معايير السلامة الصحية المتعلقة بانتقال البكتيريا بين المواد، وآخر للملابس المستعملة، فحتى وسط الطريق لم يسلم من هذا «الاحتلال» بعد أن صار عادياً العرض فوق الأرصفة وأصبحت قاعدة وليس استثناء.

كل هذا يحدث تحت مبادئ التدبير الاتحادي-من الاتحاد الاشتراكي-الذي ما فتئ يعطي دروسا خلال حملاته الانتخابية في تطهير المدينة من طحالب الأحزاب السابقة قبل أن يصبح الحزب المدبر للبلاد طحلب يعيش بين القادورات السياسية المتواجدة بكل مكان.


السوق اليومي قرب محطة الطاكسيات أحد الأماكن الأكثر سوداوية على اعتبار أن المدينة كلها سوداء، يوجد على بعد أمتار من محلات السوق المغطاة الجديدة / القديمة التي أُنشأت سنة 2007 في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لكن المتأمل لواقع تاهلة سيتأكد تماما أنها ليس تنمية بشرية بقدر ما هي تنمية «مزبلية» لا أكثر، لكن لم يتم استغلالها وبقيت مُغلقة لحد الآن ولا أحد يعرف السبب. أضف إلى ذلك الحالة المزرية التي عليها محلات السوق الحالية بسبب وجود بائعي السمك واللحوم وغياب النظافة الصحية جعل بائعي الخضر والفواكه ينتقلون إلى مكان أوسع قرب محطة الطاكسيات، فما إن ينتهي هذا الموعد اليومي ويذهب كل إلى حال سبيله حتى يتحول المكان إلى مطرح نفايات وسط مجال “حضري” حيث تنبعث الروائح الكريهة في كل مكان. دون أن يكلف المجلس البلدي نفسه القيام بمهامه في تطهير المكان لتفادي انتشار بكتيريا فتاكة والمساهمة في تقليص طابورات مواطنين مغلوب عليه أمام مصحة فقيرة يحملون أمراض التهموها في مقتنياتهم.


ساكنة تاهلة، تعي تمام أن هؤلاء الباعة مجبرون على دفع ضريبة يومية للمجلس لكن أين تستغل؟ هذه القيمة المالية أصلا يدفعونها للحصول على خدمة في المقابل. وهي خدمة مميزة من طرف المجلس البلدي الاتحادي «المحنك»، ليست خدمة التنظيف والتطهير بل خدمة الإهمال، إهمال مغلف بأنا لا سياسية لحزب فاشل في كل شيء وحتى في القيم.


أمام هذا الوضع وزيادة على ما يفسده من “جمالية” المدينة، وإن كان مفهوم جمالية المدينة لا يدخل ضِمن برامج المسؤولين المحليين، هذا الوضع يتسبب في عرقلة في حركية السير للسيارات والمواطنين على حد سواء ويعرض التلاميذ للخطر، فقد أصبح صعباً أن تسلك بعض الشوارع التي أصبحت من كثرة الباعة المتجولين عبارة مسالك، يجد فيها المواطن نفسه مضطرا إلى سلك ممرات ضيقة.


لكن الأمر الأكثر إثارة في تاهلة هو منظر حاويات وركام النفايات وسط ملتقى أهم شارعين بالمدينة (يا حسرة) شارع تازة وشارع الأطلس، فقد أصبح هذا المنظر أمراً روتينيا بل أمرا عادياً، ويُمكن أن تراه كل يوم.. وكأن المواطن تأقلم مع هذا الوضع الجديد وأصبح منظر الأزبال والروائح الكريهة لا يثير غضبه وأضحى يندرج ضمن حياته اليومية. وهو يتحمل كامل المسؤولية، لإنه أول من يتجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت على أزباله وقاذوراته التي نتحدث عنها هنا. الأزبال التي نراها في الشوارع ماهي إلا انعكاس للأزبال السياسية التي تسير بالمدينة إلى الحاوية وليس الهاوية.


ويبقى أسوأ أمر يقض مضجع السكان دون أن يحركهم، هو منظر شارع المقاومة الذي عرف بداية الأشغال منذ مدة لكن انتهت قبل أن تنتهي مهمتها، كأن الخراب والدمار كان ضيفا ثقيلا على المقاومة هناك… كأن المهمة هي التخريب لا غير. فالمجلس لم يكتف بالأزبال فأضاف أشغال التخريب.


أمام هذا الوضع التي استحقت تاهلة أن تنال به اسم مدينة «الأزبال والخراب»، السؤال هو ما فائدة أن تبدأ أشغال التهيئة دون أن تكتمل ودون أن تنتهي معاناة المواطنين، وهل أسُسُ التأهيل العمراني ومعايير جمالية المدينة التي تقتضي الحفاظ على نظافة المدينة وخلق مساحات خضراء لا تجد لها مكان في سياسة الاتحاد الاشتراكي قبل أن تجد لها مكاناً في مدينة الأزبال؟


DSCN166400


dscn13440


DSCN90420000


DSCN9044000


يوسف لخضر – تاهلة



تاهلة... أبعد من المدينة وأقرب إلى المزبلة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire