lundi 11 mars 2013

إديل وغوزالي يُقدمان قراءة في كِتاب الدّكتور الطيب بيّاض بتَاهلة

تفعيلاً للتوصيات التي خلصت إليها والتي تضمنت عقد ندوات ولقاءات حول تاريخ المنطقة، وفتح نقاش مع أساتذة باحثين، نظمت اللجنة التنظيمية لقافلة بُوهدلي (جمعية الأوراش المغربية للشباب-الزرارة، جمعية أدرار للتنمية والبيئة-تاهلة، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تاهلة)، نظمت يوم السبت 9 مارس 2013 لقاء تواصلي برحاب قاعة الاجتماعات ببلدية مع الدكتور الطيّب بياض أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب عين الشق الدار البيضاء، اليوم كان مناسبة لتسليط الضوء على كتابه «المخزن والضريبة والاستعمار، ضريبة الترتيب 1880-1915»، وذلك من خِلال قراءتين تناولتَا جانب ضريبة الترتيب قدمها الدكتور إديل عمر، وجانب البادية المغربية وحضورها في الكتاب قدمها الأستاذ علي الغوزالي.

وقد اعتبر الدكتور عمرو إديل أن الندوَة هُو تأكيد على السير في طرِيق إنجَاح ما قامت من أجلِه قافلة بُوهدلي سنة 2012، وأشار إلى أن حُضور الدّكتور الطيب بَياض يمكن إدراجه في إطار ثقافة الاعتراف ورد الجميل لأبناء المنطقة، باعتبار أن الكاتِب قضى سنَوات أستاذاً بتاهلة وأعطى الشيء الكثير لها، وهُو بِذلك يستحقُّ أكثر من تكريم.

وأشَاد إديل في قِراءته للكتَاب بِكون هذَا الأخير التي نُشر سنة 2011 ويقع في 336 صفحة صادر عن دار الشرق، وينقسم إلى أربعة أبواب و13 فصلاً، الذي هو عبارة عن أُطروحة لنيل شهادة الدّكتوراه بجَامعة فاس سنة 2002، واعتبرها من الأطروحات القلائل التي نُشرت في هذا المجال بعد ذلك بحوالي عشر سنوات ولاقت احتفاءً من طرف كِبار الـمُهتمين والباحِثين في مَجال التاريخ، وهذَا دلِيل قاطعٌ على أنّ هذَا العمل مُتميّز، لا سواء من حيث المنهج والتحليل الذي اعتمده الكَاتب، ولا سواء النتائج الـمُتوصل إليها بتطرقها لمسألة مهمة وهي الضرائب التي كان لها الأثرُ الكبير عَلى تارِيخ المغرب، وخصوصاً الحديث.


وعرج الأستاذ على عُنوان الكتَاب (المخزن، الضريبة والاستعمار 1880-1915) وقال إنَّ تفاعُل هذِه الثُلاثية بمختلف عناصرِها ستُحدد مآل ومصير المجتمع المغربي، وسيكون لها (هذه الثلاثية) تأثير على كل التحولات التي عاشها المغرب منذ النصف الثاني من القرن 19 إلى حدودِ اليوم. أما من الناحية الجغرافية والمكانية، أوضح إديل في قراءته أن المغرب آنذاك كان محاصراً بالأطماع الاستعمارية، كما كان المجتمع المغربي يعرِف مخاضاً عسيراً بين ما هو اقتصادي متجليّاً في ضُعف الإنتاج وانتشار الجفاف، ومن جهة أخرى كَانت علاقة المخزن والقبائل تَسُودها فوارق كثيرة، من جهة بين المناطق القريبة للعاصمة والخاضعة كلياً للتدبير المخزني التقليدي، وبين قبائل الجبال التي كانت تتمتّع بنَوع من الاستقلالية، وكانت تخوض تمردات عديدة، مما سيفرض على المخزن خاصة خلال فترة الحسن الأول الذي قضى 20 سنة من الحكم وخاض أكثر من عملية «حركة». أضف إلى ذلك، يردف إديل، الصدمة التي أحدثتها كل من حرب إسلي وتطوان سنة 1860 مع إسبانيا التي أرخت بأزمتها المالية على المغرب التي ستدفع البلاد إلى سلسلة الديون، ناهيك عن الرجة التي نتجت عن الصدام مع أوروبا، وبهذا تكُون الثلاثية لا تشكّل فَقط عنواناً للكتاب، بل أكثر مِن ذلك فهي مفتاح لفهْم تَاريخ المغرب قُبيْل الغزو الاستعماري.


من جهته، نوه الأستاذ علي غُوزالي خِلال مداخلته بالكتاب، وقال إنه عمل استثنائي اعتمد العمل على الوثائق بمَنهج بِيداغُوجي، واعتبره يدخُل ضِمن «المدرسة التاريخية» المغربية، حيث تناول التاريخ بمنظُور عِلمي من حَيث الموضوعات والإشكاليات والمقاربات. وقال إن هذه الدراسة تأتي في سياق تجاوز الأطروحات السابقة، والتي تعاملت مع ضريبة الترتيب إما عن طريق السكوت والتجاهل المطلق، أو عبر الإشارة العابرة. وما ميّزه أيضاً، يُضيف غوزالي، هو تناوله لضريبة الترتيب بمنهجية التحليل والتعليق والنقد في إطار تفسير شامل، استثمر فيه الكاتب الطيب بيّاض الإنتاج الأسطوغرافي المعاصر والتقليدي بمنظور حديث، والاشتغال على تاريخ القرن التاسع عشر من خلال معالجة أجناس مختلفة (تقارير، وثائق وكنانيش…)، أضف إلى ذلك استعانته بنتائج علوم أخرى منها السوسيولوجيا، الاقتصاد والأنثروبولوجيا.


وقد انطلق الكاتب، يشرح الأستاذ علي غوزالي، من ضريبة الترتيب كإشكالية رئيسية ومهيكلة لمالية المخزن المغربي، معرجاً على تعريف البادية خلال القرن التاسع عشر، باعتبارها القاعدة الاقتصادية لمغرب ما قبلَ الاستعمار، ومُبرزاً واقِعها الإنتاجي والبشري. وقد عمل على تفكِيك هَذه الإشكالية وتقديمها للقارئ في لغة سهلة وسلسة.


واقتبس من كتابه مقطعاً اعتبره يلخص إشكالية القرية يقول: «باعتباره طاقة منتجة للتمويل الغذائي وللدعم المادّي لخزينة وجيش المخزن، أتعب سواعده أعمال السخرة، وأنهك موارده حركات المخزن، وأفقرته مطالب الجباة» صفحة 22. ومن خلالها يرسم وضعية البادية بين تعدد وجسامة المهام التي يقوم بها الإنسان، ومُواجهة المخزن ومطالبه الكثيرة من جهة أخرى. والجديد في هذا الصدد أن الطيب بياض، يقول الأستاذ غوزالي، أنه قدم مقاربة اتخذت من رواية الرحّالة الأجانب وفهمهم للبادية ورِواية الرحّالة المغاربة أساساً لتقديم صورة كاملة حول البادية، ومن خلال هذه المقارنة بين وجهات تحليل مختلفة، يمكن للقارئ أن يستشف خصائص البادية المغربية آنذاك.


وخلص الأستاذ في قراءته إلى القول إن الكتاب اعتمد على التحليل الموضوعي لرصد الثوابت والتحولات، ووصفَه بـ «النص الحيّ» وذلك لاعتماده لُغة النّسبِية وكل أشكَال العمَل البيداغُوجي الجديد.

الدكتور الطيب بياض، في كلمته عبر عن سعادته، وأشاد بعُمق القراءتين التي قدّمها الأستاذين علي غوزالي وعمرو إديل، وقدم بدوره نظرة عامة شاملة حول سياق وأهداف الكِتاب، منطلقاً من العنوان وعلاقة الترتيب بالمخزن والاستعمار، حيث قال إن الترتيب إجراء جاء استجابة لواقع موضوعي يعيشه المغرب آنذاك، وعرج على بعض المحطات التاريخية التي لعبت دوراً مُهمّاً في تاريخ المغرب خلال الفترة 1889 إلى 1915 وما صاحبها من تحولات إلى يومنا هذا.


يوسف لخضر – تاهلة



إديل وغوزالي يُقدمان قراءة في كِتاب الدّكتور الطيب بيّاض بتَاهلة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire