lundi 25 mars 2013

ﺃفول الاخوان!!

عرف العالم اﻹسلامي بعد ثورات ما بات يعرف بالربيع العربي، صعود التيارات اﻹسلامية المتمثلة في حزب الحرية والعدالة المصري، وحزب النهضة التونسي وﺃيضا بالمغرب حزب العدالة والتنمية ، ويشكل هذا الصعود حقيقة فرصة تاريخية لهذه التنظيمات التي سعت جاهدة منذ تاسيس اﻹخوان المسلمين بمصر على يد المرحوم حسن البنا رحمه الله للوصول الى سدة الحكم رافعة شعارا كبيرا يحمل حمولة كبيرة وهو ” اﻹسلام هو الحل ” متحدية بذلك كل التنظيمات السياسية سواء تلك ذات التوجهات اﻹشتراكية ﺃوالشيوعية بل وﺃيضا الليبرالية ، متيقنة ﺃن الحل كل الحل يتمثل في تطبيق الشريعة اﻹسلامية الحرفي، والرجوع ﺇلى ﺃمجاد الدولة اﻹسلامية التي كانت تسيطر على رقعة كبيرة من العالم ، ولكن وهنا ينبغي طرح سؤال عريض ، ما هو الهذف الحقيقي لهذه التنظيمات اﻹسلامية ؟ هل هذفها هو تطبيق الشريعة اﻹسلامية كما ذكرنا تطبيقا حرفيا من ﺃجل استرجاع قوة المسلمين وﺇخراج المجتمع من براثن الفساد و اﻹنحلال اﻷخلاقي الذي تعرفه الدول اﻹسلامية الان، على اعتبار ﺃن الدول اﻹسلامية بالمشرق والمغرب لم تكن تعرف هذا الفساد الذي ﺃصبح مستشريا اليوم وذلك حسب هذه الجماعات طبعا ، ﺃم ﺃن هذفها هو استعمال الدين مطية للوصول ﺇلى السلطة ، مقدمة نفسها كبديل عن اﻷنظمة السابقة الفاسقة الذاعرة الفاسدة ، والتي بخلافها ستملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا.


للاجابة عن هذا السؤال وغيره لايسع المتتبع للشان السياسي العربي ﺇلا النظرﺇلى ما يحدث الان في تونس و مصر و ليبيا وسوريا والمغرب ، والغريب في اﻷمر هو وجود تشابه كبير في خطاب هذه التنظيمات من ﺃجل تبرير ﺇخفاقاتها ، فاذا كان في المغرب هناك التماسيح والعفاريت والتي تؤرق السيد بن كيران و تمنعه عن تطبيق ﺇصلاحاته التاريخية التي وعد بها الناخبين والتي تبخرت مع الرياح ، فان حزب العدالة و الحرية المصري لا يقف عن ترديد لازمة مضجرة تتهم فلول النظام السابق ، وﺃن هناك من يعرقل عجلة اﻹصلاح من ﺃعداء الدين الشيوعيين و العلمانيين الكفرة ، الذين لا يريدون لهذه اﻷمة ﺃن تتقدم و تنهض كغيرها من اﻷمم ، المسالة الثانية التي تتشابه فيها اﻷحزاب اﻹسلامية في كل من ﺃقطار الربيع العربي ، هي طلبها المستمر من الشعب ﺇمهالها الوقت الكافي للقيام بهذه اﻹصلاحات ، وكان الشعب المصري و المغربي و غيره من الشعوب المتطلعة الى التغيير، فئران تجارب ، ﺃوﺃن هذه الحكومات تمر الان بفترة تدريب استعداد لتولي اﻷمور بحزم و جدية ﺃكبر فيما بعد ، وهي نفس اﻷحزاب التي ﺃعيتنا و ﺃضجرتنا بامتلاكها للكفاءات في شتى الميادين ، ليتضح في النهاية انها صارت كاﻷيتام في مأدبه اللئام ، لا تملك من السلطة ﺇلا اﻹسم ، ﺃما مسالة ﺃسلمة المجتمع فلم تعد حسب السيد بن كيران ﺇلا خزعبلات ، فمن تحدث عن اﻹسلام الان ، ﺇن هذف هذه الحكومة الحالية هو محاربة الفساد و المفسدين، يقول السيد بن كيران ، والسلاح الجباراﻷمثل لذلك ” عفا الله عما سلف ” بل حتى مرجعيته اﻹسلامية فيتعامل معها بنوع من الحربائية ، فحينما يكون مع ﺃبناء جلدته من المشارقة ، يعتبر نفسه حزبا ﺇسلاميا من عليه الله برياح النصرفي الوصول ﺇلى السلطة و ﺇتمام مهمته التاريخية ، وحينما يحاسب بابتعاده عن المرجعية اﻹسلامية في سماحه لبعض المظاهر التي تتضارب وروح اﻹسلام ، يقول بانه ليس حزبا ﺇسلاميا، بل يتساءل في غباء عن هذا الذي يتهمه بانه حزب ﺇسلامي وبانه بريء من هذه الصفة براءة الذئب من دم يوسف .


ولكن، وفي نفس الوقت ، لنرجع ﺇلى اﻷسس الفكرية و التاريخية التي جعلت هذه الجماعات تتبنى شعار ” اﻹسلام هو الحل ” ، وفرضه كمسلمة تمكن كل متبع له اﻹصطفاف في مصاف الدول المتقدمة .


ﺃعتقد ﺃن السبب في هذا اﻹعتقاد هو ما عرفته الدولة اﻹسلامية بعد بعثة الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) من توسع و قوة مكنت الدولة الناشئة من فتح العديد من المناطق الحساسة استراتيجيا ، والتي كانت تحت السيطرة البزنطية ” الروم ” و الساسانية ” الفرس ” وﺃيضا الحبشة ، الشيء الذي ﺃذى ﺇلى تحول الجزيرة العربية ﺇلى دولة قائمة الكيان ، بعدما كانت في السابق تعيش في ظل نظام قبلي بدوي يعتمد على التجارة و السلب والغزو ، هذا التحول وهذه القوة يرجعه الكثير من المسلمين ﺇلى مجيئ اﻹسلام وﺇلى الدعوة اﻹسلامية المحمدية ، وﺃكيد ﺃنهم محقون كل الحق في هذا اﻹعتقاد ، ففي تلك الفترة شكلت الدولة اﻹسلامية تجربة رائدة بالنظرلما كانت تعيشه الجزيرة العربية من صراعات قبلية ، ولكن و لنكن منصفين ، فان اﻹمبراطورية البزنطية والساسانية كانت هي اﻷخرى تعيش رغدا و تطورا بمقاييس ذلك العصر ، فمن كان يمتلك القوة و العدد الكافي من الجند و السلاح، يكون قادراعلى حسم الصراع في ظل تكافؤ القوة ، لكن السؤال العريض الذي يطرح ﺃيضا هو، ﺃلم تعرف الدولة اﻹسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ﺃوعهد اﻷمويين و العباسيين وما بعدهم صراعا على السلطة ، باطلالة سريعة على الكتب الرسمية يصبح السؤال من البديهيات ، ذلك ﺃن المسلمين في تلك الفترات دخلو في صراعات سياسية خطيرة، كانت سببا في العديد من اﻹغتيالات واﻹنشقاقت والحروب، و التي كان اﻷصل فيها دنيويا بعيدا عن روح الاسلام السمحة الفاضلة ، الداعية الى التسامح و الحوار و الجدال بالتي هي ﺃحسن.


ﺇن محاولة البعض من التنظيمات السياسية اﻹسلامية استنساخ التجربة السابقة ،المعتمدة على الدين لوحده طريقا للتقدم و اﻹزدهارماهي ﺇلا دعوة تحمل في طياتها فكرا كسولا متخاذلا، لا ياخذ باﻷسباب ، فاذا طبقنا الشريعة بحذافرها دون تطوير للافكار، وللفكر المتنورالحداثي المتجدد ، فاننا في الصباح التالي لن نجد ﺃنفسنا قوة عظمى فجاة ، ولن نجد البطالة منعدمة ، ولن نحقق اﻹكتفاء الذاتي من الغذاء ،ﺇن ترويج هذه الاحزاب الاسلامية ﻷطروحات من هذا القبيل ،تلك التي تدعوﺇلى تطبيق الشريعة الجاف الحرفي، ما هوﺇلا استغفال لعقول المصوتين و اﻷتباع ، ذلك ﺃن الفرح بالفوز باﻹنتخابات ما هو ﺇلا بداية المشواروليس نهايته ، فالى حدود الساعة ماذا قدمت هذه اﻷحزاب ” اﻹسلامية ” من برامج تنموية و اقتصادية غير التباكي ورمي الكرة في صف الفلول ﺃو التماسيح و العفاريت ، فمن يروج لهذه الخزعبلات لا يمتلك حتى الشجاعة لتحديد و فضح ﺃعدائه ، ليتضح بالملموس ﺃن هذه التنظيمات ما هي ﺇلا دمى وكراكيز تحرك من خلف البحار، وهو ما يتضح من خلال ثناء البنوك الدولية و المنظمات العالمية على هذه التجارب ، فيا سبحان الله ، متى كان الذئب صديقا للغنم ، فهذا الغرب المنافق لا يتعامل مع هذه التنظيمات الغبية ﺇلا بمنتهى المكر ، فتارة هي تنظيمات ﺇرهابية مارقة ، وتارة ﺃخرى هي جماعات مجاهدة تسعى ﺇلى تطبيق الديموقراطية كما يحدث الان في سوريا ضد الطاغية بشار اﻷسد ، فالكل يلاحظ كيف ﺃصبحت هذه الكتائب الارهابية بقدرة قادرصديقة للناتو ، فحقيقة نتاسف على تعامل الغرب معنا كعرب بهذ الطريقة ، وكاننا نعاج لا نفرق بين البقرة و الحمار.


هذا الحديث يحيلنا ﺇلى تنظيم اخر يعتقد ﺃنه بمامن من النقد باعتزاله السياسة كحزب ، ﺇنه جماعة العدل و الاحسان ، ففي اعتقادي ﺃن هذه الجماعة ﺃمكروﺃدهى من سابقاتها التي ذكرنا ، ﺇذ لا يمكن باي حال من اﻷحوال ﺃن تكون بديلا سياسيا يجيب عن تطلعات العصر ، فهذه الجماعة المحترمة لديها ﺃحكام سلطانية داخل اﻷحكام السلطانية نفسها ، فالكل لاحظ المسرحية المحبوكة الديموقراطية طبعا، تلك التي مكنت اﻷستاذ المحترم محمد العبادي من تولي السلطة بعد اﻷستاذ عبد السلام ياسين رحمة الله عليه ، فالالية المتبعة هي الشورى ، وكاننا داخل هذه الجماعة في دولة داخل الدولة ، لها دستورها و قوانينها وﺃعرافها بل واﻷكثر من ذلك لها بيعتها ، فهذا التنظيم قد جاء بما عجز عنه الاوائل ، فاذا كانت اﻷحزاب اﻹسلامية اﻹصلاحية ﺇن شئنا القول تقبل قواعد اللعبة و تشارك فيها ، فان هذا التنظيم يذهب ﺃبعد من ذلك ، فالخلافة المنشودة التي ستعم اﻷرض هي اقرب ﺇلى تنبؤات نوستراداموس الذي تحدث عن نهضة للمسلمين في نهاية الزمان وﺃنهم سيقضون على الغرب وحضاراته ليعيش العالم اﻷلفية السعيدة بعد القضاء على اليهود ، والغريب في اﻷمر ﺃن كتابا اخر لمفكر بريطاني تحدث عن الكوارث التي كانت ستحدث في 2006 وﺇسم الكثاب ” الحرب الشاملة 2006 ” لكاتبه سايمون بيرسون ، وهو ما يتماشى و مخطط الشرق اﻷوسط الكبير الذي كان مخططا ﺃمريكيا والتي كانت مهندسته كوندوليزا رايس مستشارة اﻷمن القومي للرئيس السابق” جورج دابليو بوش ” وهو مخطط لم يتمم ﺇلا بالثورات العربية الحالية ﺃي ” الربيع العربي ” ، ﺃما فكرة 2006 فتتناسب و الرؤيا التي نسبت الى الشيخ ياسين ، وفي اعتقادي ﺃنها لم تكن لا رؤيا و لا هم يحزنون، بل استقراء و قراءة للاوضاع الدولية بعقل فطن و ذكي ، ولكن و بتاخر المخطط الامريكي تاخرت قومة ياسين لتكون في2012 قومة بن كيران .


ﺇن ﺃفول نجم اﻹخوان بعد التجارب في كل من مصر و تونس و المغرب ، وبعد تخاذل هذه التنظيمات في الدفاع عن المظلومين و المقهورين ، ومظيها في التطبيع مع الفساد و احتضانه ، وﺇعطاء المسكنات و المراهم بدل الدواء الحقيقي الشافي ، المتمثل في ضرب ﺃوكار الفساد وﺃعشاشه ، فهذا اﻷفول قادر على ﺇيقاض الدعوة ﺇلى فكر ﺇسلامي جديد، حداثي متنور، متصالح مع ماضيه وتراثه و منفتح على مستقبله ، فكر يحلل الواقع باﻹعتماد على ما توصل ﺇليه العقل البشري ، بل هي دعوة ﺇلى ﺇشراك المفكرين و الباحثين من مختلف الميادين العلمية و اﻹنسانية ، بل ﺃيضا الدينية ، وما على هذه اﻷحزاب ﺇلا اﻹبتعاد عن السياسة و التفرغ للاخلاق و التربية و نشر القيم السمحة للاسلام ، كما جاء بها خير الخلق نبينا محمد صلوات الله عليه ، فبعد هذه المشاركة السياسة المتواضعة لهذه التنظيمات ، اتضح بالملموس تخبطها و عدم ﺇتقانها لفن السياسة، ذلك المعترك القدر الذي ينبغي على الدين ﺃن يبقى نقيا بعيدا عن دناسته ، ﻷنه ﺇذا فشلت اﻷحزاب اﻹشتراكية فان اﻹديولوجيا هي التي فشلت ، وﺇن فشلت الشيوعية فاﻷمر كذلك، ولكن لا نتمنى ﺃن نصل ﺇلى وقت يتحمل اﻹسلام جريرة قوم لم يفقهوا كنه الصراع ، و اﻹسلام منزه عما يفعلون ، فاذا تقدم العباسيون في السابق ذلك ﺃنهم ﺃخذوا باﻷسباب ، وﺇذا تاخرنا نحن فذلك ﻷننا ابتعدنا عن العلم و العدل و القسطاس .


قد يظن ﺃحد ﺃن بانتقادنا للاحزاب اﻹسلامية فاننا ننتقد اﻹسلام ، فهذا الرﺃي هو الاخر ما هو ﺇلا مطية و وسيلة للانتقام من كل من يفضح و ينتقد هذه التنظيمات وﺇزداوجية خطابها قبل الحكم و بعده ، فنظرا لتماهيها مع الدين ، ﺃصبحت تظن نفسها بل وﺃصبحت تنصب نفسها هي المدافع عن الدين، بل من فرط غرورها و تماهيها ﺃصبحت تعتقد بانها هي الدين و الدين هي ، فحتى كلمة ﺇخوان مسلمون فيها نظر ، فبهذا المعنى اﻹحتكاري فانها تنفي عنا صفة المسلمين ، فليس المسلم هو من ينتمي الى هذه الاحزاب ، بل المسلم كل من نطق الشهادة ، و المسلم ﺃيضا من سلم الناس من لسانه و يده ، ﺃما مسالة اﻹيمان فهي من علم الغيب يختص بها الخالق ، وشان بين الانسان و ربه .


خالد رحموني – تازة



ﺃفول الاخوان!!

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire