mercredi 13 février 2013

ماهكذا تورد الابل يا سعد

خالد رحمونيتقوم الحكومة الحالية بفتح ” اﻷوراش الكبيرة ” من ﺃجل ضمان العيش الكريم لكافة المغاربة و الكادحين، الذين منحوا ﺃصواتهم لهذا الحزب الذي جاء من ﺃجل ﺇقرار الديموقراطية و الشغل و الحفاظ على مصالح الطبقة الكادحة، التي اغرقها في الوعود الوردية ﺃثناء حملته الانتخابية ، ﺇن القارئ لهذه اﻷسطر القليلة يدرك منذ الوهلة اﻷولى، ﺃن ما ذكرته ﺇما تهكم على هؤلاء الكائنات السياسية التي جاء بها تيار ” الربيع العربي ” ، وﺇما ﺃنها كذبة ﺃبريل ، لقد صدق المغاربة حين قالوا ” كثرة الهم كتضحك ” ولكن سرعان ما هذا الضحك ينقلب دموعا سوداء من جديد ، ﺇن الشيء الذي يحز في النفس هو ﺃن كثيرا من ” المثقفين ” ﺃو باﻷحرى الموظفين ، لا زالوا يصدقون كلام ” بن كيران” ، وهو ما يدل بما لا يدع مجالا للشك ﺃن مجتمعنا لا يزال بعيد كل البعد عن الوعي السياسي الحقيقي ، ولكن وفي نفس الوقت ، يمكن ﺃن نعتبر ﺃن حكومة بن كيران شكلت منعطفا حاسما في تاريخ العمل النقابي و الحزبي ، ﺇذ ﺃن الكل ﺃصبح يلاحظ كيف ﺃن عدد ﺃيام اﻹضراب قد تقلصت بشكل كبير بعد وصول هذه الحكومة ،الشيء الذي يعتبره” بن كيران” و رفاقه انتصارا كاسحا منيت به الطبقة العاملة والشغيلة عموما ، فالكل يتذكر ﺇضرابات العدل و التعليم و الجماعات المحلية الطويلة جدا، تلك التي ساهمت في فقدان التعاطف الشعبي بسبب تعطل مصالح المواطنين ، نظرا لانعدام ﺇستراتيجية واضحة للنضال بالنسبة لهذه اﻷطراف الداعية للاضرابات ، والتي كانت تجد في هذه اﻹضراب حلا سهلا كخطوة نضالية لا تكلف هذه الدكاكين النقابية شيء على مستوى العمل النقابي المسؤول، وذلك بسبب ضعف ﺃدائها ﺇن لم نقل تواطؤها خلال جولات الحوار اﻹجتماعي ، التساؤل الذي يطرح اليوم لماذا لم يتم المضي قدما في هذا المسار ” النضالي ” الذي تبنته مختلف هذه الدكاكين فيما قبل ، الجواب بطبيعة الحال هو الخوف من اﻹقتطاع ، هذه الجزئية تعطي لنا ﺇجابات كثيرة حول طبيعة البنية الفكرية للموظف بصفة خاصة و للشعب المغربي بصفة عامة ، وهو ما سمي فيما قبل “بالاستثناء المغربي ” ، ﺇن الشعب المغربي يريد اﻹصلاح و التغيير دون دفع ﺃي ثمن ، فالموظف العمومي بمجرد ما تم التهديد باﻹقتطاع من راتبه حتى خضع و انزوى على نفسه وﺃصبح فجاة مواطنا صالحا لا يريد ﺃن يتلقى الراتب بدون ﺃجر ” كما قال العلامة بن كيران ” اﻷجر مقابل العمل ، فكثير من اﻷشخاص ﺃصبحوا اليوم من ﺃشد ﺃعداء اﻹضراب ﻷنه حسب اعتقادهم تعطيل لمصالح الناس ، ولكن بالنظر ﺇلى نفس اﻷشخاص ، فالكل يتذكر كيف كانوا السنة الماضية من ﺃكبر المناضلين الذين عرفتهم الساحة النقابة ” عبر التاريخ” – و ذلك بالنظر لعدد اﻷيام التي لم يعملوا فيها – ذلك ﺃن هناك فرق بين العطلة و اﻹضراب ، ﺇن دفع الثمن باﻹقتطاع من اﻷجر لا ينبغي ﺃن يكون فزاعة من ﺃجل عدم الدفاع عن المطالب الشرعية للطبقة العاملة ، ﻷن منطق اﻷشياء يفرض ﺃن لكل شيء ثمنه ، والتغيير لن يكون ﺇلا بدفع الثمن ، ذلك ان هذه الحكومة على علاتها ﺇلا ﺃنها جاءت باشياء ﺇجابية ، ﺇذ بفضلها ﺃصبحنا نعرف المناضل من اﻹنتهازي بعد ﺃن عرفت الساحة النقابية و السياسية ميوعة و فوضى ، الكل ﺃصبح ينعت بالمناضل ، الكل لا حظ كيف قامت بعض المركزيات النقابية ببيع مناضليها و اﻹرتماء في ﺃحضان ” البرجوازية “، الكل لاحظ كيف ﺃن رئيس الحكومة تنكر لوعوده الانتخابوية وارتمى في كنف هذه ” البرجوازية ” و ذريعته في ذلك خوفه من هروب رؤوس اﻷموال الى الخارج ، في حين ان الملاذ الوحيد للحكومة ” اﻹسلامية ” هو ﺇثقال كاهل الطبقة الكادحة و المتوسطة بالديون ﻷن السيد ” بن كيران” يعرف ﺃكثر من غيره ﺃن هذه الطبقات مثقلة بالهموم، ولن تستطيع التزحزح عن مكانها ، الكل ينصت ﺇلى مسرحياته الكوميدية السوداء المملة، و يشاهد تردي الخطاب السياسي الذي ﺃصبح من خلاله هذا ” الشخص ” اﻵمر الناهي وﺃصبح يمارس الوصاية و يمن على الشعب بانجازاته الخارقة المتمثلة في الصدقات التي سيوزعها على ” الفقراء ” فبذل ﺃن يعلم الشعب العمل و الجد و المثابرة ، ﺃصبحنا ﺃمام حكومة تلقن الناس فنون التسول و “السعايا “،بل وﺃيضا التنميط
و التدجين ، فعملية اﻹنتظار التي ترافق هذه العملية كفيلة بخلق شعب من العاهات المستدامة الذي فقد القدرة على المقاومة ، وبالمقابل غرس اﻹتكالية واﻹنتظار فيه ، ﺇن عملية توزيع المعونات هي عملية تتجاوز النقود لتدخل في خانة السيطرة النفسية على الشعوب و تدجينها كقطيع الابقار الذي ينتظر حصة العلف.

ينبغي على السيد رئيس الحكومة ﺃن يدرك تمام اﻹدراك ﺃننا كشعب مغربي نستطيع ان نميز بين الصالح والطالح ، فالتباكي في قبة البرلمان لن يغير من الواقع شيء، نعم لقد كان للحكومة عذر قبل اﻵن ، وهو ﺇعطاؤها الوقت الكافي للعمل ، ولكن المؤشرات الحالية تدل على شيء واحد ، وهو استهداف الطبقات الكادحة من الفقراء و ﺃصحاب الدخل المحدود من ﺃجل تحمل تكاليف اﻹصلاح ، فاذا كان هذا اﻹصلاح يمس المغاربة جميعهم ، لماذا لا يتم البدﺃ بالحكومة نفسها ، لماذا لا يعطي لنا السيد رئيس الحكومة العبرة هو ووزراءه كما فعل قادة ﺃوربا خلال اﻷزمة المالية الحالية ، لماذا لا يتم تخفيض ﺃجور البرلمانيين التي تتجاوز العشرين الف درهم ، فبخصوص هذه المسالة ، فذات يوم من ﺃيام شهر نونبر كدت ﺃصاب بالغثيان حينما صرح رئيس الغرفة الثانية السيد الشيخ بيد الله باحد البرامج اﻹداعية ، بان السادة النواب يعيشون الفقر المدقع، وعليه يجب التفكير في زيادة ﺃجورهم ، في حين ﺃن رئيس الحكومة يعتبر الزيادة في راتب التقاعد الذي وصل الى ﺃلف درهم من حسنات و ﺇنجازات الحكومة الحالية الخارقة ، ﺃليس هذا ما يسمى بالضحك على الذقون ، هل يعقل في بلد يعيش اﻷزمة بموظفيه وصناديق تقاعده ومستشفياته ﺃن يخصص الملايير لكرة القدم ولموازين الذي كثيرا ما ﺃعيانا وزراء الحزب الحاكم تباكيا عليه بالبرلمان ، وحين نستفسربعض المنتمين ﺇلى هذا الحزب عن سر هذه اﻹزدواجية في الخطاب ، يكون الجواب ﺃن الحزب ﺃيام المعارضة ليس هو الحزب في الحكومة، في ﺇجابة هي ﺃقرب الى البله و الجنون والتخلف العقلي، نظرا لاقتناع هذا التابع بان السيد رئيس الحكومة لا يمكن ان يخطئ ابدا ، وهو ما يستدعي التفكير مليا في هذه التجربة الحكومية ، ﺇذ لم ﺃرى في حياتي كلها من يستطيع ان يقلب الفشل و التنصل للوعود الى نجاح باهر بهذه الطريقة الوقحة .

لماذا لا يقوم السيد رئيس الحكومة باحالة ملفات الفساد و اﻹختلاس على القضاء ، لماذا لا يتم متابعة كل من ساهم في هذه اﻷزمة التي نعيشها بتهريب الملايير ﺇلى ابناك سويسرا ، وشراء الشقق الفاخرة بالخارج ، لماذا يتم التعامل مع هذه الملفات بالغمز و اللمز بالبرلمان ، فاذا كانت السلطة التنفيذية عاجزة عن محاربة الفساد و ﺇدانته ، فمن سيقوم بذلك ، الكل يلاحظ كيف ﺃن السيد رئيس الحكومة يقوم بالتلميح في البرلمان باﻹشارة للعفاريت و التماسيح ، وﺃخيرا ﻷحد المستشارين ، ونسي السيد رئيس الحكومة ﺃن بفعلته هذه فانه مساهم في الفساد و ذلك بسكوته .

ولكن ومن جهة نظر ﺃخرى ، يمكن القول ﺃن السبب في تمادي هذه ” الحكومة ” و تفننها في ضرب المكتسبات ، راجع باﻷساس الى ضعف اﻷحزاب سواء داخل اﻷغلبية الحكومية او داخل المعارضة ، فالمعارضة الحالية حصل لها ما حصل للكذاب حين يقول الصدق، فانه لا يجد من يصدقه ، فهذه المعارضة ﺃصبحت تفتقد ﺇلى من يصدقها بالرغم من ﺃنها تقول الصدق ، ولكن هذا الصدق لا يدخل في خانة الدفاع عن مصالح الشعب، و لكن يدخل في خانة البوليميك و المزايدات ، وهو ما يلعب عليه ” بن كيران ” بتفنن ، ويعرف كيف يخرس اﻷصوات المعارضة بشعبويته المعتادة ، نفس الشيء بالنسبة للنقابات فهذه التنظيمات لم تعد تدافع عن مصالح الشغيلة بقدر ما ﺃصبحت تدافع عن الريع النقابي الذي راكمته خلال عقود ، ومن تجرﺃ وانتقد الحكومة ” المحترمة ” ولو على سبيل البوليميك و المزايدة، فسيقع له ما وقع ” لدعيديعة المناضل الكبير” الذي يدافع في هذه اﻷيام عن الزيادة المهولة في ثمن البيرة ، وهو ما يحسب له .

ﺃقول في النهاية ، ﺇن الطبيعة لا تقبل العدم ، ﺇنه وقت المكاشفة ، فكل اﻷقنعة اصبحت اﻵن على الارض سواء ﺃقنعة اليساري ﺃو اﻹسلامي ﺃو النقابي ﺃو الحقوقي . وﻷن الطبيعة لا تقبل العبث ، فكما قال تشارلز داروين ” البقاء للاصلح” . ”

خالد رحموني 12/02/2013


ماهكذا تورد الابل يا سعد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire