lundi 20 mai 2013

الصحافة التي نريد

بقلم : خالد رحموني .


عرفت الصحافة المحلية بتازة ظهور العديد من الجرائد اﻹلكترونية الجديدة التي ﺃضافت الشيء الكثير لهذا الجسم الصحفي باﻹقليم ، ولا ﺃحد يجادل في اعتبارها بديلا حقيقيا عن الورقية ، فلن ندخل في تعداد مزايا هذه الصحافة عن تلك ، فهذه مسالة لا يتناطح فيها كبشان، و لكننا – وهذا بيت القصيد – ﺃردنا من خلال تحليلنا هذا ﺃن نحلل نشوء هذا المولود الجديد الذي ﺃصبح عنصرا فاعلا و حقيقيا في الحياة اﻹقتصادية و اﻹجتماعية و السياسية باﻹقليم ، بل وفي بعض اﻷحيان يكون دورها حاسما في تسليط الضوء على العديد من القضايا ، كما ﺃردنا في ذات الوقت ﺃن نستشرف اﻷدوار الحقيقية المنوطة بها ارتباطا بالتحديات المستقبلية التي يفرضها تطور و توسع المدينة كميا و كيفيا .


لكن السؤال المطروح بحدة في هذا الباب هو : ما نوع الصحافة التي يريد المواطن التازي ، هل يريد ﺃخبار ” المقاتلات” ، الجرائم ، قتل الكلاب الضالة وهجمات ” الحلوف” ، وﺃيضا ﺃخبار “كولو العام زين ” مع التضييق على كل من غرد خارج سرب الاجماع بحذف تعليقاته وعدم استقبال مقالاته ، ﺃضف ﺇلى ذلك الغياب التام لمقالات المشرفين على ﺃغلب هذه الجرائد ، ذلك ﺃننا نريد ﺃن نعرف حقيقة مواقف و ﺁراء ﺃصحابها ، ﺃم نريد صحافة جادة تتقبل الرﺃي و الرﺃي اﻵخر ، ولا تمارس الوصاية على ﺃحد ، صحافة تسمح بالتعدد و تشجعه ، بل وتنشر ﺁراء اﻷصدقاء و اﻷعداء في جو يزيد من تكريس ثقافة التعايش

واﻹيخاء رغم اختلاف وجهات النظر .


فكما يقال ليس المهم ﺃن تصل ﺃبكر بل المهم ﺃن تستمر ﺃكثر ، فمع تكاثر هذه المواقع اﻹلكترونية ، ﺃصبح المواطن التازي يحس بالتنوع و الوفرة ، فبعد تجاوز عقدة ﺃقدم موقع، ﺃصبحنا اﻵن ﺃمام مواقع تقدم البديل وتفتح ﺃبوابها لكل اﻵراء بالرغم من حداثة عهدها ، فاﻷكيد ﺃن ﺃصحاب هذه المواقع لا يمكنهم باي حال من اﻷحوال ﺃن يتبنوا كل هذا الكم من التوجهات ، ولكن الذكاء يقتضي فتح الباب ﺃمام الجميع ، فالمواطن التازي ليس بالغباء الذي يجعله يقبل الوصاية من ﺃحد ، فدائما البقاء للاصلح .


ﺇن عدم فتح جريدة من الجرائد الالكترونية ﺃبوابها ﺃمام تنظيمات جماهرية بعينها، وحمل مقص الرقيب في اختيار ما تنشرتماشيا مع خطها التحريري الذي لا يعرفه ﺃحد ، ﺇنما هوفي الحقيقة طريق سريع نحو التراجع و اﻹندثار ، فالمثقف التازي نهم بطبعه ، فاذا لم يعبر المواطن عن تطلعاته و ﺁماله بخصوص قضية من القضايا الراهنة التي تهم الشان العام ، فما طبيعة المواطن الذي نريد ، هل نريد مواطن سلبيا لا يستطيع المشاركة و ﺇبداء الرﺃي ، فقد ﺃثبتت التجارب الرائدة في مجال التنمية البشرية و المستدامة ، ﺃن المشاركة و اﻹختيار هي ﺃحسن الطرق و ﺃنجعها لنجاح ﺃغلب البرامج التنموية ، فعدم ﺇحساس المواطن بمسؤولياته اتجاه المنظومة التي يعيش داخلها كفيلة بخلق ﺃجواء اﻹحتقان و التطرف ، بل ﺃيضا تنمية النزوعات نحو العنف .


ﺇن الصحافة المحلية لن تتقدم باطلاق ﺃحكام القيمة و الجلوس في المقاهي ﺃو حمل شارة الصحافي ، فكما يقال ، فان الصحافة مهنة المتاعب ، فالصحافي الناجح ليس هو ذلك الذي يسبق الناس دائما للتصفيق و التهليل ، فهذا مصيره النسيان و الضمور ، بل الناجح هو ذاك الذي يحمل هم بيئته و ﺃبناء جلدته ، دون التلويح باﻷوراق الصفراء و الحمراء في وجه كل من حلق خارج السرب ، فالمواقف تتغير بتغير المعطيات و اﻷحداث ، لكن المبادئ تبقى راسخة كالجبال ، فمن كان يراهن على كسب الرهانات بالمزايدات الفارغة ، فذلك هو الوهم بعينه ، ﺇن الرهانات تكسب بابداء الرﺃي و تقديم النقد البناء ، ﺇذ لا يعقل ﺃن نمارس حكمة بوش ، ” من ليس معي فهو ضدي ” ، فالحوار العلمي الجاد و المسؤول هو الوحيد الكفيل باﻹجابة عن التساؤلات ﺃعقدها ، فالتجربة و الحنكة ليست ورقة تشهر في وجه كل من كان النقد و الشك منهجه ، بل التجربة العميقة تظهر في قدرة الفرد على اﻹنصات ﺃكثر من غيره ، فما ﺃحوج صحافتنا الفتية لهذه الطينة من البشر ، ما ﺃحوجها لمن يسمع نبض الشارع وينصت ﻵهاته ، ما ﺃحوج صحافتنا للاقلام الصادقة التي لن تنطفئ مادام اﻷمل هو محركها ، ﺃمل في غد ﺃفضل للاجيال المقبلة ، فمع عالم مليء بالتناقضات فان التحديات القادمة ﺃعمق و ﺃخطر على ﺃطفالنا و شبابنا ، فالسلاح اﻷمثل لمواجهة هذا الزحف الحضاري الكاسح هو تقوية المناعة الفكرية و الثقافية ، فكما قلنا من قبل – في مقالات سابقة – فان ﺃخطر سلاح يهدد ﺃي ﺃمة والذي هو ﺃخطر من ﺃفتك اﻷسلحة التدميرية ، سلب اﻷحلام و التفاؤل من جيل باكمله ، فالصحافة لن تلعب ﺃدوارها الحقيقية التربوية ﺇلا ﺇذا ﺃصبحت واعية بادوارها اتجاه الجميع ، فلم يطلق لقب السلطة الرابعة عليها اعتباطا ، بل هي سلطة حقيقية ﺇلى جانب باقي السلط في كشف الفساد و براثينه ، فاوربا لم تتقدم ﺇلا باختراع مطبعة ” كوتنبيرغ ” بالمانيا سنة 1450 وبالتالي تطور الجرائد و انتشارها بما ساهمت به في نشر ﺃفكار النهضة و التنوير كما تنتشر النار في الهشيم ، فلا ﺃحد ينكر ﺃدوار الصحافة الجادة التي ساهمت في نشر اﻷفكار التقدمية في زمن غير الزمن ، فلولا تلك اﻷقلام من مختلف مشاربها الفكرية واﻹديولوجية لما استطعنا ﺃن نصل بحرية التعبير ﺇلى هذا الحد رغم التضييق و احتلالنا لمراتب جد متقهقرة في حرية الصحافة ، فمقياس ما حققته الدول من ديموقراطية حقيقية هو مقدار ما تمتلكه الصحافة من حرية ، وقد يقول قائل ﺇن هناك فرق بين الحرية و التهجم و رمي الناس بالباطل ، بدورنا نقول ﺇن الصحافة المسؤولة هي تلك التي تتحرى الدقة في الخبر و تنشره بكل مسؤولية وحياد ، دون الركوب على اﻷحداث خدمة لجهة معينة .


ﺇن الجسم الصحفي بالمدينة يحتاج حقيقة ﺇلى وقفة تامل من ﺃجل تقييم الذات ، ومطالب ﺃكثر من ﺃي وقت مضى بفتح ذراعيه لكل الكفاءات و الطاقات الخلاقة التي لن تساهم ﺇلا في تطوير هذا الجسم الصحفي الفتي باﻹقليم ، دون فرض الوصاية و الرقابة على اﻹبداع مهما كان شكله ، فالحياة لن تستمر بالنموذج الواحد اﻷوحد ، فكلما كان التنوع و التعدد كانت الوفرة و الغنى ، فدعوتنا هذه ليس انتقاصا من ﺃحد ﺃو انتقادا له ، بل بالعكس تماما ، فلكل مجتهد نصيب ، فلا يسعنا في هذا الباب ﺇلا ﺃن نشد على ﺃيادي هذه النخبة التي استطاعت خلق الفارق ، فاملنا الوحيد هو خلق المزيد من هذه المواقع ، ولما لا خلق ﺃندية و جمعيات صحافية جديدة من ﺃجل فتح المجال ﺃمام الطاقات الشابة المجددة و المتنورة لتدلي بدلوها بكل جرﺃة وحرية .


Khalid.sky01@yahoo.fr



الصحافة التي نريد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire