dimanche 12 mai 2013

دعوة الى العقل

بقلم : خالد رحموني


ما ﺃجمل ﺃن يتيه الفكر بحرية دون حسيب ﺃو رقيب ، ما ﺃجمله حين يطرح تلك اﻷسئلة المحرجة ، بل و المحرمة ، فاذا كان اﻹله قد ﺃهدى لنا ﺃدمغة ، فلماذا لا نفكر ، فالدين ﺃي دين لا يمكن ﺃن يعبد ﺇلا بالفكر ، فالحضارة وهي تلك الكلمة الشاملة للفكر و الدين وﺃي شيء تخلف عن المجموعة البشرية في مكان و زمان معين ، ما كان لها ﺃن تصل ﺇلى ما وصلت ﺇليه لولا تطور العقل و الفكر ، فقصة البشرية برمتها قائمة ﺃسسها على هذا الكائن الشقي الذي لا ﺃحد استطاع سبر ﺃغواره التي هي ﺃعمق من ﺃعماق المحيطات السحيقة .

المسالة ببساطة هي ﺃن ياتي كائن ما و يوقف هذه العجلة المتحركة و يضع وسطها عصا اﻷعراف و التقاليد و ” الدين ” لا يمكن لهذه العصا ﺇلا ﺃن تتكسر تحت هذا الزخم الهائل من القوة المحركة لعجلة التاريخ .


ﺇن الدعوات التكفيرية المصادرة لحق اﻹنسان في التعبير عن رﺃيه بكل حرية لن تزيد اﻹنسان ﺇلا ابتعادا عن الدين ونفورا منه ، ذلك ﺃن الذين يمارسون الوصاية على المعتقد هم ﺃسوء من يسيء ﺇلى هذه المنظومة ، بغظ النظر عن الجهة التي تمارس هذه الوصاية ، فلا ﺃعتقد ﺃن ديننا ضعيف ﺇلى درجة ﺃنه سيعدم اﻹجابة عن ﺃسئلة لا تعتبر ﺇلا فتاتا ﺃمام ما طرح خلال اﻷربعة عشر قرنا الماضية ، ويا ليتهم يحسنون الدفاع عنه ، ذلك ﺃن الدواء لن يكون ﺇلا من صنف الداء ، فاﻷسئلة العقلية لا يجاب عنها ﺇلا بالعقل ، وهذه ﺃصل المشكلة ، ففي الوقت الذي كان العقل مع النقل، استطاع المسلمون ﺃن يصبحوا ﺃساتذة ﺃروبا ، فلولا عقل ابن سينا وابن رشد لما استطاع توما اﻹكويني و بيير ﺃبيلار نقل تراثنا ﺇلى حضارة ﺃوربا التي كانت غارقة في الخرافات و تقديس القديسين ، وتغييب العقل ، فلم يكن هم اﻹنسان اﻷروبي انذاك ﺇلا اتقاء نار الجحيم و كسب مرضاة الكنيسة من ﺃجل التنعم بالحياة اﻷبدية الرغدة ، حتى لو كان “heaven” ذلك بواسطة ﺃوراق عديمة القيمة تعتبر صكوكا من ﺃجل المرور بسلام الى العالم العلوي


ﺇن صراع الكنيسة مع العقل لم يكن بسبب زيغ لوثر و غيره عن العقيدة الكاثوليكية ، وﺇنما ﺃصل الصراع هو ضرب المصالح المادية لرجال الكنيسة ، فعودة الدين النقي الخالص لا يتناسب مع هذه المصالح الدنيوية وبالتالي وجب القضاء على هذا العقل الذي لا ياتي من و رائه ﺇلا المتاعب ، فهذه الدعوات التكفيرية لا يمكن حصرها في الديانات التوحيدية فقط ، بل شملت الديانات الوثنية كذلك ، و اﻷمثلة في هذا الباب كثيرة ، وخصوصا حين تعمل هذه الدعوات العقلية المتنورة على هدم بنيان و ﺃساسات ركائز الحكم .


” و ما يسمى ﺃيضا The contex ” ﺇن ﺃهم ما يرتكز عليه التحليل التاريخي للاحداث موضوع السياق اﻹطار التاريخي ، فالدلالة اﻹصطلاحية لحدث لا يمكن ﺃن تستعمل في سياقات متعددة وفي ﺃكثر من موضع ، فمثلا ﺇذا تحدثنا عن ” الجهاد ” كركن ﺃساسي من ﺃركان اﻹسلام ، فاكيد ﺃن هذه الكلمة الان ﺃصبحت خارج سياقها التاريخي ، فالجهاد اﻷكبر اليوم هو جهاد النفس ، وﺃحسن جهاد هو التسلح بالعلوم الحقة و اﻹنسانية لمواجهة الزحف الحضاري للغرب ، فكما تطورت اﻷسلحة تكنولوجيا ، تطورت ﺃيضا ﺃساليب الصراع ، فاذا كانت الحروب القديمة تعتمد على السيف ، فان حروب اليوم هي حروب رقمية بل ﺃيضا ثقافية ، فلا شيء ﺃصعب و ﺃخبث من استيلاب جيل بكامله و استئصال هويته الثقافية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فلو قام “ادولف هيتلر” بخوض حرب اقتصادية بدل الحرب العسكرية بعدما قام بتطوير ﺃلمانيا الرايخ ، لانتصر على الحلفاء ، ولكن عنتريته و عنصرية الحزب النازي التعصبية اﻹقصائية قتلته قبل ﺃن يقتله ﺃعدائه ، وهو ما ﺃصبحت تلعب عليه العديد من اﻷمم ، فلو قام اليابان بالرد على الولايات المتحدة بعد هيروشيما و نكازاكي لكان اليوم من ﺃفقر الدول ، ولكن اليابان بنتهاجه للتطوير العلمي و التكنولوجي ، فانه استطاع رد الصاع صاعين .


ﺇن اﻹسلام الحقيقي اليوم ليس في حاجة ﺇلى اﻷصوات الجهيرة ﺃو الملابس الفضفاضة ، بل هو في حاجة ماسة ﺇلى العقل ، ﺇن الوعيد و التحريض كما حدث مع اﻷستاذ المحترم ” ﺃحمد عصيد ” لن يزيد الوضع ﺇلا تازيما ، ﺇن الدعاية الرخيصة و استغلال هذه الموجة ، سواء من طرف رئيس الحكومة من ﺃجل حفنة من اﻷصوات المؤدلجة ﺃصلا ، ﺃو تصفية لحسابات قديمة لم تستطع المناظرات حسمها بالنسبة للشيخ ” الفيزازي ” ، وفي اعتقادي ﺃن هذه الحملة ما هي ﺇلا تمويه رخيص بعد سلسلة الهزائم و الخيبات التي منيت بها اﻷحزاب ذات” المرجعية اﻹسلامية ” سواء بالمشرق ﺃو المغرب ، فالكثير من اﻷسئلة لا زالت عالقة ، ﺃليست مرجعية رئيس الحكومة تحثه على اﻹقتصاص من الكبير قبل الصغير والغني قبل الفقير .


ﺇن اللعب على ورقة التكفير ﺇنما هي في الحقيقة سلاح قديم مكشوف مهترئ يهذف ﺇلى تلميع الصورة حينما يعتليها بعض الغبار ، ﺇننا اليوم ﺃمام ﺃزمة اقتصادية ، فالحل لن يكون بلي عنق الحقيقة و تحويل ﺃنظار الناس عن المطالب الحقيقية كالشغل و الغلاء و التضييق على الحريات بكل ﺃشكالها ، بل الحل يكمن في مواجهة اﻷزمة بشجاعة و البدء بالبطون المنتفخة الحقيقية ﺃولا ، فكيف يعقل لمن يعيش اﻷزمة ﺃن يستدعي مغنيات “البورنوغرافيا” كما لقبتهن الوزيرة بسيمة الحقاوي من قبل في البرلمان ، فاذا كانت ﺃموال موازين هي تمويل لشركات وطنية خاصة ، ﺃليس من اﻷولى ﺃن تكون مقاولاتنا مقاولات مواطنة تقف مع البلاد في شدائدها بدل نفث الملايير في الهواء على مسوخ بعيدي كل البعد عن الفن المحترم الهاذف ، ﺃليس من باب العدل ﺇعادة النظر في اﻷنظمة الضريبية، ﺇذ ﺃن المغرب كل سنة يفوت على نفسه سيولة خيالية من التهربات الضريبية ، ﺃليس اﻷولى برئيس الحكومة البدء بنفسه وﺇعطاء القدوة على اﻹيثار و الكفاف كما علمنا السلف الصالح ﺃيام المحن و الشدائد ولنا في الصحابة اﻹسوة و القدوة ، ﺃليس اﻹيمان هو تصديق بالقلب وعمل بالجوارح ﺃم ﺃصبح اﻹيمان مجرد ﺃقوال انتخابية ، ام عسل الكراسي لا يقاوم ، ﺃليس من اﻷولى لوزرائنا عوض البكاء تخشعا من كلام بنكيران – و هذا هو العجب العجاب – ﺃن يشمروا سواعدهم و يتخذوا القرارات الجريئة بعيدا عن جيوب الفقراء .

ﺇن المسلم الحقيقي هو الذي يحب لغيره ما يحب لنفسه ، و المسلم الحقيقي هو الذي لا يخاف في الحق لومة لائم ، فبدل تكفير الناس و مصادرة ﺃفكارهم و معتقداتهم ، اﻷولى ﺇعطاء القدوة و البديل ، فلا يزايد علينا ﺃحد باسلامه فكلنا مسلمون مصداقا لقول الله عز و جل ” قالت اﻷعراب امنا قل لم تومنوا ولكن قولوا ﺃسلمنا ولما يدخل اﻹيمان في قلوبكم ” صدق الله العظيم .



دعوة الى العقل

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire