dimanche 20 janvier 2013

على هامش احتجاجات ساكنة أولاد اغزال و أولاد بوتين، مكايحس بالمزود غير اللي مخبوط به...

لو كان السيد رئيس جماعة بني وليد يقطن بأحد دواوير ” الباب لهيه”، و يضطر كل ثلاثاء لحمل قفة الخضر و كيس الدقيق و قنينة الغاز على كتفيه لمسافات طويلة وسط أوحال و تحت أمطار الشتاء القاسي بعد انقطاع المسالك البئيسة عند اول الغيث، لكان كل ما يشغل باله و يسيطر على تفكيره هو توفير بنيات تحتية ملائمة و قادرة على الاستجابة لحاجيات المواطنين في الشتاء كما في الصيف، كاولوية الأولويات.

و لو كان السادة اعضاء المجلس يكتوون فعلا بصقيع العزلة ، و يضظرون إلى حمل ذويهم المرضى و الحوامل على النعوش البدائية المخجلة بحثا عن طبيب او مولدة ، لرأيتهم يكدون أناء الليل و أطراف النهار من أجل توفير هذا المطلب الحيوي و الملح في الحياة اليومية للمواطنين بدون كلل أو ملل .

و لو كان السيد المستشار، هو السيدة، أو زوج السيدة التمدغاصية التي داهمها المخاض ذات عزلة، فاضطر مواطنو دوارها إلى قضاء يوم كامل لإيصالها إلى حيث مركز الجماعة ذهابا و إيابا على متن نعش مهين للكرامة الانسانية، لملأ الدنيا ضجيجا و زعيقا، و ربما فكر ـ وهو المحامي اللامع ـ في مقاضاة الجماعة القروية و الدولة المغربية و المطالبة بتعويض عن الأضرار المادية و المعنوية التي لحقت بالضحية و وليدها و ساكنة الدوار أجمعين.

لو كان السادة المذكورون أعلاه من طينة الفلاحين القابعين خلف جبال التهميش الممنهج بين سندان الظروف المعيشية و مطرقة المعطيات الطبيعية و الجغرافية القاهرة، لما شكلت لهم كل “المشاريع و المنجزات” الأخرى بتراب الجماعة (مسابح ، ملاعب ، مخيم ، مركب رياضي…) أي شيء يذكر أمام أهمية طريق صالح للاستعمال صيفا و شتاء و في كل الفصول.

و لو أن المشرع عاش نصف ما يعيشه سكان الجبال و القرى النائية من محن و كوارث، لوضع شرط الإقامة الإعتيادية و الدائمة بين ظهراني الناس شرطا لازما لتمثيلهم في المؤسسات (على فرض شرط نزاهتها و شفافيتها)، و لجعل العضوية في هذه المجالس و اللجان و الهيئات تسقط بمجرد انتفاءه.

فما أجمل هذه ال “لو” وإن كانت تلوي عنق الواقع ليا، و لكننا متيقنون تماما من أن “المزود” لا يحس به إلا “المخبوط به” فعلا، لذلك لا نطلب من السادة الرؤساء و الأعضاء و البرلمانيين الكبار المحترمين، أن يشعروا بما يشعر به الفلاحون التعساء في دواويرهم المتناثرة خلف الجبال، و لا أن يحسوا بالمعاناة اليومية لألاف الرجال و النساء و الأطفال بعد انقطاع السبل إلى السوق و المستوصف و المدرسة و باقي المرافق العمومية على علاتها التي لا تحصى. و بالمقابل عليهم أن يتوقفوا عن مطالبتنا بان نشعر بالسعادة العارمة داخل غيتوهاتنا المسيجة بالفقر و الإقصاء، و أن نعبر عن رضانا التام بأوضاعنا التي لا تختلف قيد أنملة عن أوضاع إنسان العصر الحجري لمجرد أنهم لا يشعرون بهذه المعاناة المستمرة و المزمنة و المتوارثة جيلا بعد جيل.

مناسبة هذا الكلام ما وقع أخيرا بجماعة بني وليد بعد تنظيم ساكنة أولاد اغزال و أولاد بوتين لقافلة احتجاجية تضمنت وقفة احتجاجية ببهو الجماعة و مسيرة شعبية بمركز بني وليد ووقفة احتجاجية أمام مقر العمالة للمطالبة بفك العزلة و إعادة فتح المستوصف القروي بدوار أولاد اغزال المغلق منذ عشر سنوات. فالسادة المسؤولون الجماعيون لم يكفهم التهرب من الحوار و الاختفاء نهائيا عن الأنظار يوم الأربعاء الفارط، بل ذهبوا بعيدا في إطلاق التهم المجانية على المحتجين و ركزوا خلال مجلسهم المنعقد مساء نفس اليوم ـ عوض التركيز على إيجاد حلول لمطالب الساكنة ـ على كيفية تحويل المحتجين إلى متهمين بالتجمهر غير المرخص و اقتحام مقر الجماعة محملين المسؤولية للسلطات المحلية، و باعثين برسائل غير مطمئة و غير بريئة لساكنة الجبال، لا شك أن المقدمين سيوصلونها على شكل تهديدات مبطنة للمواطنين نفرا نفرا.

لقد غاضهم أن يرفع الفلاحون بضع شعارات بسيطة تندد بالوضع، و تستنكر القائمين على استمراره، و اعتبروها سبا و قذفا، و لم يغضهم “تمرمد” كرامة المواطن في الوحل، و هو يحمل أشياءه على كتفيه “مثل الحمار” كما يقول بمرارة كل من اضطر إلى خوض غمار هذا الانحدار.

لقد تعجب أحد المواطنين الذين يجربون سبيل الاحتجاج لأول مرة، كيف لهؤلاء “الأعضاء الذين يلهثون وراءنا في الحملات الانتخابية زنقة زنقة، دار دار، لا يكاد يظهر لهم أثر اليوم و “الناخبون” يصرخون من الغبن” و علق ساخرا بعفوية الفلاح “يبدو أن بطاقة الناخب… أهم من الناخب نفسه”، و حق لهذا الفلاح أن يتعجب و يستغرب و هو يرى المجلس الذي يفترض أنه يمثله يحاول توريطه فيما لا قبل له به فيما استقبلته سلطات وزارة الداخلية بتاونات و استمعت لشكواه ووعدت بالتدخل ـ وإن لم تفعل لحد الآن ـ و بعد ذلك يتساءلون ببراءة مشبوهة : لماذا “يعزف” المواطن عن السياسة ؟؟؟؟

و الحقيقة أن المواطنين الذين حجوا من دواويرهم على متن 3 سيارات للأحتجاج على تجاهل المجلس الجماعي لمطالبهم و تمطاله في تنفيذ ما سبق أن وعد به في هذا الصدد، لم يكن يهمهم أين سيجسدون شكلهم النضالي، بقدرما كانوا حريصين على إسماع أصواتهم لأبعد مدى ممكن، و لو كان بإبمكانهم أن يخبروا الكرة الأرضية بمعاناتهم ما ترددوا.

و أثناء تواجدهم ببهو المركب الإداري لم تتم عرقلة عمل أي أحد كما يزعمون، بل أن عشرات المواطنين الذين تواجدوا بالصدفة لقضاء أغراضهم الإدارية جسدوا تضامنهم مع المحتجين و منهم من انتقل معهم إلى عمالة الإقليم بعد نقل الشكل الاحتجاجي دعما و مؤازرة، حتى أن أحد المستشارين تمنى “في أذن” أحد المحتجين، أن تحذوا باقي دواوير الجماعة حذو دواري أولاد اغزال و أولاد بوتين “و تنزل للدفاع عن حقوقها”.

لذلك فما ذهب إليه السادة المسؤولون الجماعيون في “اجتهادهم” غير البريء ما هو إلا محاولة للهروب إلى الأمام ـ أو إلى الوراء لا فرق ـ و دوران رتيب في الحلقة المفرغة، التي أفرغت هذه المنطقة الأصيلة و المناضلة من كل مضمون تطوري، ومن شروط الحياة الإنسانية الدنيا، فهاجر أغلب أبناءها و بناتها، و البقية تنتظر أول فرصة للرحيل.

و مرة أخرى نكررها، فالذي يداه في الماء ليس كالذي يداه في النار تحترقان، صرخة الساكنة المحلية، و انتفاضتها الواعدة بالمزيد، و مطالبها، عادلة و مشروعة و آنية مستعجلة لا تحتمل دقيقة تأجيل أوتسويف أو مماطلة. و هي أكثر عزما و إصرارا من أي وقت مضى، على نيل هذا الحق البسيط و المتواضع بجميع الطرق الممكنة…

فهلا نزعتم قطن الاستعلاء من آذانكم… لتسيخوا السمع جيدا لهذه الصرخة المدوية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

محمد الهاشمي


على هامش احتجاجات ساكنة أولاد اغزال و أولاد بوتين، مكايحس بالمزود غير اللي مخبوط به...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire