mardi 6 août 2013

انتفاضة الكرامة

كان من الضروري عند الكثير من المغاربة التحلي ببعض الانتظار والتريث توقعا لرد فعل الملك ، بعيدا عن أحكام النوايا السريعة والمتهافتة أحيانا ونقص الأخبار والمعطيات أحيانا أخرى وإطلاق التغريدات هنا وهناك أمام فعل مدان مبدئيا أحيانا ثالثة ، مشهد خطير يهم مؤسسة عليا للبلد تعد رمزا لوحدته واستقراره على الأقل بالنسبة لأغلبية المغاربة…. فكل عبر عن رأيه وإدانته بطريقته ووسائله والياته الخاصة سواء قبل أو بعد بلاغات الديوان الملكي ، وفي مناخ من إجماع على صون كرامة الأطفال والمواطنين المغاربة عموما ، يصبح الأمر تكرارا ممجا وترديدا لنفس المواقف التي لا يختلف حولها مغربيان أصيلان …العفو الملكي على المجرم الاسباني هز المغرب من أقصاه إلى أدناه دون شك ليس لكون الإجراء عاديا وهو من صميم اختصاصات الملك ولكن لأن المعني بالعفو هذه المرة مجرم أجنبي خطيراضافة إلى كونه جاسوسا مقيتا وبذلك جمع كل حسنات جيراننا الشماليين المحترمين وفضائل عالمنا المتحضر ياحسرتاه ….الغضب المغربي مشروع ومعقول ويجهز على أوهام وأحكام جاهزة مغلوطة من الأساس تروج هنا وهناك وفي هذا السياق أو ذاك ، لأن الكرامة البشرية أولا وأخيرا فوق كل اعتبار…فما بالك بكرامة شعب لم يخضع للشرق ولا للغرب إلا في ظروف خاصة يطول الحديث عنها ولم يلق السلاح إلا بعد استنفاذ كل وسائل المقاومة ، ولم يدخر وسعا في البذل والعطاء وتقديم المعتقلين والشهداء عبر المغرب المستقل من أجل الكرامة والخبز النظيف ، وحالات التمييع والتشييخ والتضبيع الممنهجة أثبتت الأيام أنها لم تنل من هذا الحس الإنساني الرفيع . هي انتفاضة العزة و الكرامة إذن ومن هنا تحيتنا لكل المناضلين والمناضلات والحقوقيين والحقوقيات وما كان ضروريا أن تتدخل عصا القمع مرة أخرى لتزيد من تعقيد الوضع وتعبر عن هشاشة مساحة حريات التعبير بهذا البلد ، رب ضارة نافعة ( ما عرفتي الخيرة فاش ) ومن يدري فربما من هنا نبدأ من جديد : إصلاح نظام العفو…تجديد الملكية البناءة الرمزية عبر تحديد الصلاحيات الكبرى للملك وديوانه بشكل واضح عبر الملكية الدستورية وما يتصل بذلك من إصلاح نظام المؤسسات الحساسة كالعدل والدفاع الوطني والسجون وتحديد طبيعة المتدخلين ( المستشارين ) ضمن المحيط الملكي في أي ميدان يهم المغاربة …ولا ننس أن آليات العفو نفسها استفاد منها الجلادون والفاسدون ومصاصو دماء الشعب وناهبو خيرات الوطن …الكلام ليس لي وإنما هو لإحدى المنظمات الحقوقية المغربية … المغاربة ليسوا قطيعا يدوسه حثالات مجتمعات الاستهلاك …المغاربة لم يعودوا ذلك الشعب الوديع الذي يمكن أن يتسامح بلا حدود ، نعم نحن متفتحون على الجميع لكن ليس على حساب الكرامة ، الملكية تاج على رؤوس المغاربة ما دامت تتبنى مطالب الشعب وتدافع عن مقوماته الوطنية وكرامة أبنائه غير القابلة للمساومة ، والأخطاء واردة ( الكمال لله وحده ) الشيء الذي دفع ملكنا إلى فتح التحقيق ومباشرة وتحديد المسؤوليات وبالطبع فلايمكن في المقابل لأي أحد ولا يجوز له أن يركب على الحدث لتحقيق أغراض آنية أو سياسوية ضيقة قد تمس باستقرار وأمن البلد ، الشعب لم يعد في دار غفلون وهو يعاين يوميا ما يحدث من ماس وكوارث في هذا البلد أو ذاك ، سببها تغييب الشعوب في صناعة القراروتدخل القوى الأجنبية وغياب أنظمة شرعية ومشروعة قابلة لتلبية مطالب تلك الشعوب ..وقد تزرع القوى الفاسدة والمستفيدة نفسها بذور الكوارث وانعدام الاستقرارلخدمة مصالحها ولا يهمها استقرار أو أمن الوطن بتدخلاتها ومناوراتها وخرجاتها المستفزة والمعرقلة لتقدم ورقي المغرب ، كما يحدث مع كل محاولات الإصلاح ومحاربة الريع والاستبداد والفساد . هي انتفاضة العزة والكرامة عبر الشوارع والميادين والإطارات والمواقع الاجتماعية والمجالس المختلفة سيكون لها ما بعدها سياسيا مجتمعيا ثقافيا وأخلاقيا …انتفاضة مغرب قرر أن يؤسس استثناءه الثوري الرائع ، هبة تعزز التراكمات النضالية للشعب المغربي التي سجلها عبر السنين بالدم والعرق والدموع ….نضال كتلة إنسانية مدنية متحضرة اسمها مولاي الشعب من أقصاه إلى أدناه من يسارييه وشرفائه الحقيقيين إلى إسلامييه المتنورين ، تقول بأفصح لسان إذا كان التعاقد الرمزي واقع يحفظ تماسك الأمة بجميع فئاتها وتلويناتها ويتقصد إلى ما فيه خيرها رفعتها وتقدمها فانه في المحصلة ليس شيكا على بياض حينما يتم الإخلال المقصود أو غير المقصود بهذا التعاقد التاريخي والديني والرمزي ، ومثاله الصارخ الحط من كرامة والنيل من براءة ورود الحياة ( الأطفال ) بما هي نيل من كرامة المجتمع ككل لكن هل استوعبت الأحزاب البائرة المنخورة بالبؤس والأمراض المزمنة الدرس من القوى الحقوقية والمدنية وجموع المواطنين المحتجين ؟



انتفاضة الكرامة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire